العراق تايمز
نتفهم نبض القوم عندما يشتكي من انحدار الاعلام في وطننا العراق بغض النظر عن بعض رجالاته التي سبقتهم ذات مرة لتطلعهم على ملفات فساد لم يعلمها الناس من قبل وقالوا بملئ الفم ما هكذا تكون الاوطان .
كيف لشعب يزعم بانه ضد الفساد قولا فقط، ثم ينزوى الى نفسه مكتفيا بالفرجة، وهو من يعلم علم اليقين ان لا فساد استثرى الا بوجود اعلام عاهر يعرض نفسه لمن يدفع اكثر.
لربما من شرور العراق انه انجب طينة غريبة من البشر تتلذذ بسحق ابناءها لكن كل املنا اليوم ان لا صوت يعلو عن صوت المظاهرات في حال فشل رأس افعى الفساد في العراق على امتطاء صهوتها وتسييسها وتجييرها باسمه، وكل أملنا ايضا ان لا تنسى وهي ماضية في طريقها تحطيم صنم الاعلام الشاخص في عقول العراقيين البسطاء الذين لم يتقنوا بعض فهم الكم الهائل من الرسائل الخفية التي تكتنفها كلمات المذيع وهي تداعب اسماعهم.
هناك منابر اعلامية تتوفر فيها كل لياقات النزاهة والمصداقية وهي قليلة بطبيعة الحال لكنها في الغالب من يتوسطها اعلاميون انتهازيون ومتملقون يسهل شراء ضمائرهم مقابل قطعة حلوى، في حين تدور في فلكنا العشرات من المنابر الاعلامية والفضائيات والقنوات التلفزيونية التي يشهد لها بالانحدار لكنها تحتضن اقلاما غرفت من مداد الشرف والشجاعة وراحت تهتف بالمصلحة العامة للناس ولا تخفيها لومة لائم، وهناك منابر اعلامية فاسدة تأوي ايتام الفساد والتي وصفناها بالاعلام العاهر.
احيانا لا نجد كلاما نسوغ به حجم الحسرة أو عبارات تفي بوصف مدى الانكسار الذي يلاحقنا عندما نرى حتى زبدة المجتمع العراقي المعول عليها تنسى ان تأخد برفق يد ابناء جلدتها وجعل صدورهم اكثر رحابة في ارشادهم الى ان الاعلامي الشريف هو الذي يركض وراء مصلحتنا كمواطنين فقط، وليس هو من يمجد برؤوس الفساد على حساب المصلحة العليا للشعب.
من بين تلك الاصوات شاب انيق فكريا وظاهريا الذي اضحى اسمه لصيقا بالبصرة حتى اصبح صديقا لشوارعها وازقتها، نزل بعدسته الى عمق الشارع ولخص لنا المعاناة في وجوه وجدران تشابهت تقاسيمها واصبح همه الشاغل البحث عن نقط الألم ومحاولة التخفيف عنها.
سعد قصي لقد اثلجت صدورنا بتقريرك الذي لن نبالغ في وصفه ان قلنا انه ذو مستوى عالي في المهنية، والذي لا يختلف عن تقاريرك وتحقيقاتك السابقة، فانت ضربت للتألق موعدا من نوع آخر ولو كانت جلها مواعيد بطعم الحزن والألم، لقد مسحت عن جبين البصرة بعض التعب عندما قررت انت والميكروفون الاصغاء لها وايصال للناس بعضا من ذلك الوجع طمعا في وجود آذان واعية تحلل وتفكر والاهم انها تفهم.
التقرير الذي بث يوم امس الأول حول السيارات المظللة التي تصول وتجول في ربوع البصرة بدون لوحات تسجيل رسمية، لقد كان فعلا مثالا فاضحا على استغلال بعض المسؤولين النفوذ واستعمال الشطط في السلطة والسماح للقطاء المجتمع بانتحال صفات امنية واختراقهم للحشد الشعبي من اجل التمكن من حرمة البيوت وارتكاب شتى جرائم النهب والقتل وتصفية الحسابات وابتزاز التجار.
العراقيون اليوم يحتاجون لهكذا تقارير صحفية تزيد من نسبة الوعي لدى المواطنين وتجعلهم على دراية بكل الظواهر الخطيرة المحدقة بهم لان الصحفي الواعد والصحفي الحقيقي هو من يشخص الخلل ولا يبخل في وصف العلاج، الصحفي هو من يشد بيد الامة من اجل توعيتها بمصالحها وهو في نفس الوقت من يقوم باسماع صوتها لاصحاب الكراسي واصحاب القرارات لعلها تظفر بآذان صاغية وقبلها واعية تعيد تلك البسمة الطافحة لثغر عراق لم يتبسم بعد.
اعلامي كسعد قصي يعد من ابسط حقوقنا كمواطنين وهذه المناسبة ليست تمجيدا لاسم او شخص بقدر ما هو تقدير لعمل يفترض ان يكون عروة وثقى يقتدى بها من طرف اعلاميين ما اخذوا من الاعلام سوى القشور واختزلوا العمل الصحفي في امتلاك مايكروفون وعدسة كامرة لبث التفاهات التي تكون ثالث مسببات للقيئ بعد الحمل عند النساء والطاعون.
هم اعلاميون ولكنهم مصرون على نسف الحقائق واطالة عمر الفساد في ربوعنا النائية حتى جعلوا من عراق الرافدين باردا في وداعه لا ينفث حزنه عليك ولاهو يحفزك على الحنين اليه.
شكرا سعد قصي