لم يستغرق الهجوم الارهابي الذي طال مبنى المديرية العامة لأساييش (امن) كردستان في اربيل ظهر يوم 29-9-2013 سوى دقيقة أو دقيقتين وعلى عدد من الأمتار المربعة امام المبنى ذاك ألأ أن الأعلام الكردستاني عرضه اي الهجوم في حجم اكبر من حجمه الحقيقي من خلال اعطائه بعدين، زماني ومكاني له. فأما الزماني فهو ملازمة الكاميرات التلفزيونية لمكان الحادث الى وقت متأخر من مساءً ذلك اليوم، وقيام التلفزة الكردية بعرض لقطات على قلتها اكثر من 60 مرة. وأوحى البعد المكاني. وكأن مساحة الهجوم تمتد من البرلمان شمالاً والى جسر اكرم منتك شرقاً داخل اربيل. ناهيكم عن اخبار مثل تطويق الاحياء القريبة من الحادث وسد شوارعها وأزقتها، وأمتد البعد المكاني الى مستشفيي (ايمر جينسي)على الشارع الستيني شمالاً والطواريء الغريبة غرباً عندما انتقلت الات التصوير اليهما لاجراء مقابلات مع الاطباء والجرحى والمواطنين امام باب المستشفيين ، وجاءت تغطيات جعلت الاساييش الضحية جلاداً ، حين جرى عرض مراسل تغطي قطرات من الدم وجهه على شاشة التلفزيون بزعم انه ضرب على يد الاساييش!
لقد خلع الاعلام الكردستاني صورة على الهجوم الارهابي كادت أن تقارب الهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك في 11 سبتمبر عام 2001 أو احتلال مصرف نيروبي، وقال عن الحادث بأنه كان على درجة من الخطورة استهدفت احتلال المبنى المذكور، في حين لايعقل ان يحتل مبنى ضخم من قبل 6 اشخاص اثنان منهم قتلا في الحال، وكان في المقر و حواليه العشرات من افراد الاساييش بدليل ان 42 منهم جرح ثم ان الهجوم صد من جانب عدد قليل من حراس باب المبنى ولو كان هدف الارهابيين احتلال المبنى لزجوا بعشرات الافراد في عمليتهم، مثلما حصل ويحصل في بغداد ومدن عراقية اخرى سيما في المثلث السني من العراق، وعواصم اخرى في العالم. وعند الاستيلاء على مصرف ويست غيت في نيروبي بكينيا قبل اسبوعين. لقد كانت اخطاء الاعلام الكردستاني فادحة بحق، اذا علمنا ان العملية الارهابية توخت بدرجة اولى اثارة ضجة اعلامية للنيل من نتائج الانتخابات وسمعة حكومة الاقليم، واهداف اخرى مثل شل النشاط السياحي والاستثماري. وروج الاعلام لهذه الاهداف من حيث لايدري. ولقد تراجعت السياحة بنسبة 10% حسب جهات حكومية كردستانية.
وزاد من الطين بلة، اداء الحكومة الكردستانية، بتشديدها للاجراءات في السيطرات على الطرق المؤدية الى الموصل وكركوك بالاخص للحيلولة دون دخول المسافرين الى اربيل من المحافظات الاخرى. ، والتشكك بهم أصلا خطأ اذا اخذنا بالاعتبار ان اربيل تحولت الى مدينة ضخمة ومن المتوقع ان يدخلها ويخرج منها الالوف كل يوم. ومن اخطائها ايضاً ارسالها لعدد من الجرحى الى تركيا. وبذلك أعطت بعداً دوليا للحادث، في وقت كاتت جروح معظمهم خفيفة وغادروا المستشفى بعد دخولهم اليها بدقائق، واذكر قبل الحادث كيف اعلنت حكومة كردستان عن فتح ابواب مستشفياتها امام جرحى من بعقوبة والحويجة قبل شهور وبعد العملية الارهابية موضوع البحث سارعت الى استقبال جرح مدرسة ابتدائية في ناحية العياضية التابعة لتلعفر بمحافظة نينوى ما يفيد ان بمقدور مستشفيات كردستان طاقة استعابية لجرحى .. في حين نقلت جرحى الحادث موضوع البحث الى تركيا ..الخ من الاخطاء.
صح القول: ( ما كل ما يعرف يقال ولكل مقام مقال) لكن الاعلام الكردستاني يبدوا، ليس في كردستان فحسب انما في معظم اقطار العالم يعطي لنفسه الحق في الاحاطة بكل الاحداث ونشرها ايظا في وقت ان هناك حالات او حوادث تتطلب التجاهل والتعتيم بحقها لأسباب سياسية تتعلق بالامن القومي او بسلامة التحقيق. والسبق الاعلامي ليس صحيحا في كل الامور مثلما ليس صحيحا تظخيم الاحداث وسيظل الحادث الارهابي المنوه عنه حالة شاذة وسط استتباب منقطع النظير للأمن و الاستقرار في الكردستان فالمسافة بين عملية ارهابية واخرى في كردستان غالبا ما تمتد لسنوات. هنا تظل كردستان في موقع البلدان الغربية والامريكية الديمقراطية التي تشهد بين فترات متباعدة عمليات ارهابية. ان كردستان ديمقراطية وهي في موقع الدول الملكية الخليجية الغنية التي قلم يقع فيها الارهاب لكون شعوبها غنية ومرفهة وكردستان مثلها شعبها غني ومرفه وسعيد.