المسؤولية أمانة وعلى قدر هيبتها وإمتيازاتها وحسناتها فإنها عار ومحرقة في الدنيا وعقوبة في الآخرة لمن لم يصنها , وخير الناس من رفضها عندما لم يجد في ذاته القدرة على تحملها . والسكوت عن الحق جزء من عمل الشيطان , ومن غرته الحياة وتعامل معها بلا إبالية فتلك مثلبة قد تلحق العار بسلفه خلفه , ولعلنا اليوم بأشد الحاجة لقول الحقيقة إشفاء لغليل من هدر حق العراق والعراقيين جميعا وأدخلهم في أتون حرب حصدت الآلاف وربما تحصد المزيد والمحاسبة طريق للتصويب وشل يد الغواة المغامرين الذين لم يرعوا حق الله وحق الشعب وصيانة الأمانة . إن إحقاق الحق وأخذ حق الضعفاء هو جزء من عدالة الله على الأرض
لقد شهد العراق خلال حكم المالكي المأسي والويلات حتى لكأن الرجل غير عراقيا في نزعته وتسلطه وكرهه للمواطنين , وكلما إزداد البلد دمارا إزداد تعنتا وجبروة , فعم الفساد وإنتشرت الرذيلة بأقبح صورها من مداهمات وسجون سرية وجلاوزة ومليشيات , ويومها سجل العر اق أرقاما قياسية في الجريمة والفساد وتدهور الخدمات حتى عد من البلدان المتخلفة في وقت كان يضاهي دول كبرى ولهذا لا أتصور نسيان الماضي بسهولة فقد كان المالكي يهدد ويتوعد بصدق وبوشاية من يرى فيه موقفا غير الموقف الذي يريده هو , حتى أسكت الجميع من سرق ومن لم يسرق لأنهم يعرفون مدى عدوانيتة وسهولة لصق التهم . فصال وجال ونصب وخلع ورفع وهبط وقبل ان يغادر موقعه حصلت على يده اكبر نكسة للعراق , وبلع الموضوع وكأن شيئا لم يحصل .
في كل دول الديمقراطيات حين تحصل كارثة طبيعية أو جريمة تهز مشاعر المواطنين يعتذر المسؤول ويغادر موقعه وهو خجل , ونحن يباع الوطن ويذل المواطن ولا كأن الأمر يعني السلطات التي تسلطت علينا , والغريب بل المؤلم أنهم يدَّعون الدين والورع ويتحدثوا معك وهم يحركون خواتمهم أو يطقطقون بمسابحهم . يعرضون لك صورة تمثل إيمانهم الذي لا وجود له , غير داركين أن المواطن سئم بل وصل حد القرف بهذه الخزعبلات لأن الدولة صارت دولة المليشيات ولإن الظلم لا يدوم وإن طال جاءت اللحظة التي يغادر المالكي الرئاسة وسط إبتهاج وفرح من الجميع إلا من الطغمة التي مصت الدماء ثمان سنوات وكانت تتطلع إلى أربع سنوات أخرى ومن يدري ما كانت تفكر بعدها . ولأنه لم يحصل على رئاسة الوزراء فرض نفسه نائبا لرئيس الجمهورية بلا حياء ومع هذا هو في داخله غير راض عن كل هذا لكنها طريقة لتكميم الأصوات والتصدي لما سيكشف من جرائمه وفساده .
نعود إلى الموضوع قبل أيام نشرت مواقع متعددة وشبكات أخبارمنوعة أن طارق نجم فجر قنبلة حين أعلن أن سعدون الدليمي والمالكي هما المسؤولان الرئيسيان عن مجزرة سبايكر , جاء التصريح أمام لجنة من التحالف الوطني ضمت إبراهيم الجعفري وحيدر العبادي وباقر الزبيدي . وقال إن مكتب القائد العام على علم مسبق بسقوط الموصل وكانت الأوامر تقضي بالإنسحاب والسماح لداعش بالسيطرة على الموصل لفترة زمنية ومن ثم تتم عملية التطهير . وقال إن رئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم عرض على رئيس الوزراء إحتواء تبعات سقوط الموصل وبعث لجنة برئاسة باقر الزبيدي لكن المالكي رفض رفضا قاطعا بدعوى أن الجميع يريد أن ياخذ كرسي الرئاسة منه . بعد إنتشار الخبر طلبت وكالة رويترز من المالكي مقابلة لكشف الحقيقة لكنه رفض وكذلك عبود قنبر .
وجاء في تصريحات قائد عمليات نينوى الفريق مهدي الغراوي التي نشرتها رويترز وتلاقفتها أغلب شبكات ومواقع الأخبار وظهر الرجل على شبكات الإعلام العراقي قائلا : أن المالكي ووزير دفاعه أرتكبا خطأ فادحا برفض عروض متكررة من القوات الكردية , بل أن بعض الأخبار تؤكد أن مسعود البرزاني أتصل مرتين من خلال وزير الدفاع لكن المالكي رفض حتى سماع وجهات النظر هذه . وهذا لم يحصل بشكل سريع ومفاجيء, بل أن الغراوي يقول : إن الضباط الكبار تجاهلوا تحذيراته في أواخر شهر أيار الماضي والتي كان يؤكد فيها بأن تنظيم داعش يستعد لشن هجوم على المحافظة لذلك تستنج رويترز أن المالكي ومسؤولين عسكريين من مستوى رفيع يتحملون جانبا من اللوم على الأقل . وهذا ما ذهب اليه الغراوي حين قال : إن من قر رالإنسحاب يكمن في هؤلاء الثلاثة غيدان وقنبر والمالكي .
ترى هل هناك جريمة أكبر من تلك , وهل يعقل أن يصدر أمر الإنسحاب من وزير الدفاع أو من عبود قنبر بهكذا قضية خطرة دون الرجوع للقائد العام ؟. ثم لماذا إلتزم المالكي الصمت ولم يحاسب من ترك جنوده للعدو وذهبت فلذات أكباد العراقيين سخية أليست هذه جريمة كبيرة تستحق كشف تفاصيلها ومحاسبة المقصر إرضاء للأمهات والآباء المحترقين بضياع موت أبنائهم ؟ تلك مسؤولية الجميع كي لا نظل نبلع السم بعد السم والفاسدون ينعمون
مقالات اخرى للكاتب