لماذا فاز الفريق العراقي ببطولة آسيا بتغلبه على الفريق السعودي الذي اقصى الفريق الياباني حامل اللقب، بمهارة ولعب رائعين؟،ولماذا خسر امام الكويت والامارت في بطولة الخليج؟
السبب الرئيس في الحالتين هو العامل السيكولوجي..المنسي،المغيّب ،المهمل..ليس في حياتنا الرياضية فقط بل والاجتماعية والسياسية ايضا..ولنا في سقوط الموصل بيد ثلاثة آلاف مسلح(وقيل ثلاثمائة) وهزيمة ثلاثة الوية عسكرية ومائة وخمسين الف شرطي تركوا دباباتهم واسلحتهم في الشوارع..شاهد كيف ان العامل السيكولوجي يكون احيانا هو الذي يحسم الامور بدءا من ابسطها..علاقة عاطفية الى اصعبها..اشد المعارك ضراوة.
لنسترجع اجواء فوز الفريق العراقي في بطولة آسيا.تتذكرون حين فزنا على الفريق الكوري كيف تحنت شوارع بغداد بالدماء ابتهاجا بالفوز .ولقد وحّدت هذه الحادثة الشعور عند الفريق بان ارواح الشهداء وفاجعة عوائلهم تريد منهم الفوز والا فان موقفهم من عوائل الشهداء والجرحى سيكون احساسا بالخجل والعار ان حصل العكس(هم خسرنا اولادنا وهم خسرنا باللعب).
والثاني ان اللاعبين وجدوا ان الثلاثين مليون عراقي توحّدوا بهم وانهم عطاشى للفرح..واروع شيء يمنح الانسان الشعور بالزهو ان يدخل الفرحة في قلب محتاج لها ،فكيف اذا كان من تمنحهم الفرحة ثلاثون مليونا قضوها احزانا وفواجع لثلاثين عاما؟
والثالث ان الفريق السعودي (المدلل والمرفّه) استصغر الفريق العراقي (الفقير لله)، وكان غرور اللاعبين السعوديين واستفزازهم الصريح والضمني قد اثّر سلبيا فيهم وايجابيا في اللاعبيين العراقيين ،لأن من طبيعة العراقي اذا استفز او استصغر فانه يشتعل غيظا ويزداد حماسة، فضلا عن ان الفريق العراقي يشعر نفسيا ان خسارته امام الفريق السعودي اثقل عليه من خسارته امام الفريق الكوري او الياباني.
والرابع،اتذكر جيدا كيف تساءل معلق الجزيرة الرياضي (يوسف سيف) قائلا:ان فوز الفريق العراقي حالة نادرة واستثنائية(للظروف الصعبة التي يعيشها)وعلى المعنيين بالدراسات العلمية ان يكشفوا سرّ هذا الفوزالعجيب.وكتبنا له في حينه ان مفتاح السرّ يكمن في الشخصية العراقية..انها تزداد صلابة وصلادة ايام المحن، وان العراقيين اذا تناخوا بغيرتهم المعهودة على مهمة فانهم ينجزونها بامتياز، لانهم يعشقون الزهو المستحق بجنون.
نأتي الآن الى خسارتنا في بطولة الخليج،ونحدد اسبابها السيكولوجية بالآتي:
1.تلعب ثقة اللاعبين بمدربهم عاملا سيكولوجيا مهمّا،فهم ان كانوا يثقون به ويحبونه،حتى لو كان قاسيا معهم،فان هذه الثقة تزيدهم حماسة في اللعب ،يتفادون بها الشعور بالذنب ان خسروا وخذلوه.وبالعكس ،فان كان الفريق ضعيف الثقة بمدرّبه فان حماسه يضعف..والأكثر ،انه سيجد المبرر لترحيل خسارته على مدرّبه.والواقع انني لا اعلم بطبيعة العلاقة السيكولوجية بين المدرّب حكيم شاكر وافراد فريقه..والمهم هنا ان يأخذ الاتحاد هذا العامل بنظر الاعتبار مستقبلا..في دراسة ميدانية تتبعية.
2.عبر متابعتنا لمباريات الفريق العراقي لسنوات وجدنا انه يتصف بحالة سيكولوجية،هي ان خسارته في المباراة الاولى تولّد لديه انكسارا نفسيا ينسحب على المباراة الثانية.وهذا ما حصل في مباراتنا مع الكويت،فلو ان الفريق العراقي فاز على الكويت،او تعادل معه لما حصل الذي حصل.
3.في المباراة الثانية للفريق تحصل حالة نفسية أخرى هي ان الانكسار النفسي يجعل اللاعبين بين يائس من الفوز وبين من يبذل حماسا زائدا..تنتهي بالنتيجة الى ان يكون اللعب فرديا..استعراضيا لأجل اثبات دور..فوضويا..فتكون الخسارة حتمية..والدليل على ذلك ان الفريق العراقي تعادل مع فريق عمان الذي هزم الفريق الكويتي بخمسة اهداف!
4.حين يخسر الملاكم المباراة فانه يتحمل وحده الخسارة ،ولكن حين يخسر فريق كرة القدم فان الخسارة تتوزع على احد عشر لاعبا،ويقل الشعور بالمسؤولية لدى اللاعبين ويقومون بلعبة ترحيل السبب على الآخر..ولقد ساد هذا الشعور معظم اللاعبين ولم يكن هنالك من يعالج الحالة نفسيا.
5.يتم اختيار لاعبي المنتخب العراقي وفقا لمعايير:المهارة،المراوغة،سلاعة الجري...ولا يرد العامل السيكولوجي بالاعتبار..اعني تطبيق اختبارات نفسية تقيس امورا اخرى في لاعب المنتخب.
6.تستعين الفرق الدولية بمستشارين نفسيين يصطحبونهم معهم في مبارياتهم فيما لا يخطر هذا على بال اتحاد الكرة العراقي.
ترى هل يقرأ المعنيون والمسؤولون عن الرياضة العراقية ما نكتبه نحن السيكولوجين ،لخدمتهم،ام ان حالهم كحال السياسيين الذين نصحناهم ،كفريق متخصص سيكولوجيا بحل الأزمات،فردوا علينا:واشبينه احنا قابل مخابيل..مع ان بينهم من هو مصاب بالبارانويا!..ونعني تحديدا.. Sectarian Political Paranoia
مقالات اخرى للكاتب