عاد من جديد النظام التركي ليمارس دوره القديم الجديد في إعادة صياغة ورسم ملامح جديده لأهدافه واستراتيجياته للمؤامرة القديمة الجديدة على الدولة السورية بكلّ أركانها، وخصوصاً بعد أن قام الطيران التركي بضرب وإسقاط الطائرة العسكرية الروسية بريف اللأذقية الشمالي داخل الأراضي السورية، هذا التعدي التركي لا يوضع إلا بخانة دعم المجاميع المسلحة المتطرفة والتي شارفت جميع حصونها وبؤرها على الانهيار، خصوصاً في ظل تصاعد دراماتيكي لقوة صمود الدولة السورية ودعم حلفائها لها، ومع بروز مؤشرات انتصارها على هذه المؤامرة الكبرى، وبعد الصمود الأسطوري على الأرض للجيش العربي السوري، وانهيار البؤر الإرهابية في عدد من المناطق، واتساع حجم انتشار استراتيجية المصالحة الوطنية والمجتمعية بالدولة السورية بالكثير من مناطق الجغرافيا السورية.
ومن هنا وفي هذه المرحلة تحديداً من عمر الحرب المفروضة على الدولة السورية نستطيع أن نرسم خطوطاً عامة للأحداث كافة التي عشنا تفاصيلها بالساعات القليلة الماضية، ولنبدأ برسم هذه الخطوط العامة،من خلال تطورات أحداث وأبعاد وخلفيات إسقاط الطائرة الروسية .
وهنا نقرأ في خلفيات وأبعاد هذه المغامرة التركية مع الروس، إنه وبعد فشل المجاميع المسلحة باستراتيجية مسك الأرض بسورية والتقدّم، فنرى أنّ حصون هذه المجاميع المسلح بدأت تنهار واحدة تلو الأخرى تحت ضربات الجيش العربي السوري وقوى المقاومة، في ريفي حماة الشمالي والغربي ـ وريف إدلب الغربي وريف اللاذقية الشمالي وريف حلب الشمالي الشرقي والجنوبي الغربي ، إلخ… ومن هنا تيقن حلف العدوان على سورية أن الرهان على وكلائهم وأدواتهم على الأرض السورية هو رهان فاشل وبخاصة بعد معارك "ريفي حلب الشمالي الشرقي والجنوبي الغربي وريف اللاذقية الشمالي" التي كانوا يراهنون على نتائجها، لتنهار كل رهاناتهم بعمليات نوعية وخاطفة للجيش العربي السوري وقوى المقاومة وبدعم من سلاح الجو الروسي -السوري بعموم هذه المناطق ، وها هي طلائع الجيش العربي السوري وقوى المقاومة قد شارفت على حسم المعركة بريف اللاذقية الشمالي وريفي حلب الشمالي الشرقي والجنوبي الغربي، ومن هنا قرر الاتراك وبدعم من محور العدوان على سوية التدخل مباشرة في سير المعارك على الأرض، لإنقاذ أدواتهم ومجاميعهم المسلحة ورفع معنوياتهم المنهارة، ولفرض واقع جديد عسكري وسياسي بما يخص فصول الحرب على سورية.
وهنا لايمكن أنكار حقيقة أن الاتراك بدورهم حاولوا وما زالوا يحاولون المسّ بوحدة الجغرافيا والديمغرافيا للدولة السورية من خلال السعي لاقامة مناطق "إمنة "، فالنظام التركي أظهر منذ بداية الحدث السوري رغبته الجامحة بسقوط سورية في أتون الفوضى، ودفع كثيراً باتجاه انهيار الدولة والنظام السياسي، فكانت له صولات وجولات في هذا السياق، ليس أولها فتح حدوده بالكامل أمام السلاح والمسلحين العابر والعابرين للقارات وليس آخرها ما جرى من أحداث في ريف اللاذقية الشمالي ، وإسناد المتطرفين في معركتهم ضد الجيش العربي السوري والاشتراك بشكل مباشر بمجريات المعركة في ريف اللاذقية الشمالي من خلال المناورة بورقة التركمان.
بهذه المرحلة بأت واضحآ أن الهدف التركي من وراء إسقاط الطائرة الروسية هو رفع معنويات المجاميع المسلحة التي سقطت تحت ضربات الجيش العربي السوري وسلاح الجو الروسي ، واليوم يحاول الاتراك ومن خلفهم محور العدوان قدر الإمكان إخراج هذه المجاميع المسلحة من غرف الإنعاش التي وضعتهم فيها قصة وملحمة الصمود للدولة السورية بكل أركانها، وكل هذه المحاولات لن تؤثر ولن تثني من عزيمة الدولة السورية وحلفائها المصرة على قطع دابر الإرهاب وداعميه ومحركيه ومموليه عن الأرض السورية.
وهنا على بعض الذين يتحدثون بلغة عجز الدولة الروسية أو السورية عن الرد على حادث إسقاط الطائرة الروسية ، أن يدركوا إن الدولة الروسية أو السورية اليوم ليستا عاجزتين عن الرد على أي عدوان خارجي وستردا قريباً، ولكنهما تعرفان أسس الرد وحجمه ومكانه وليس بالضرورة أن يأتي الرد بشكل عسكري مباشر ،فتزويد روسيا للدولة السورية بمنظومة" اس 400"للدفاع الجوي ،هي رد من سلسلة ردوود قادمة ،وعلى محور آخر فالدولة السورية ومن خلفها كل حلفائها ،تعلم جيداً أن معركتها مع محور العدوان على سورية لن تنتهي ما دام لهذا المحور أدوات على الأرض السورية، لذلك اليوم تؤمن الدولة السورية بأن حجم إنجازتها على الأرض واستمرار معارك تطهير سورية من رجس الإرهاب، وبالتوازي مع ذلك السير بمسيرة الإصلاح والتجديد للدولة السورية مع الحفاظ على ثوابتها الوطنية والقومية، هو الرد الأفضل والأكثر تاثيراً اليوم على هذا المحور المعادي للدولة السورية .
ختامآ ،سيكون الرد الروسي - السوري على كل هذه العمليات والمغامرات للمحور المعادي لسورية وحلفها ،واضحاً للعيان بالقادم القريب من الايام من خلال ما سيجري من حسم سريع للجيش العربي السوري وقوى المقاومة وبدعم من سلاح الجو الروسي لمعارك واسعة بالشمال والشمال الغربي لسورية ،وسيكون للرد الروسي على هذه العملية التركية والمغامرة الحمقاء ،عواقب كارثية ووخيمة على الاتراك ،وستكون متوقعة من قبل البعض ومفاجآة للبعض الاخر ،فالقادم من الايام يحمل في جعبته الكثير من التطورات والمفاجأت ..فانتظروا .
مقالات اخرى للكاتب