منذ ابعاده عن السلطة التنفيذية بالقوة المرنة و التوافق الامريكي الايراني كما شاهدنا، و المالكي لم يهدء روعه و يتحرك يمينا يسارا و لم يقتنع بان دوره انتهى و لم يعد بامكانه العودة، لقد طبق عليه ما سار عليه و كما فعل نفسه و اصر من قبل و منع العودة للاخرين، و لم يعطها كما قال في مقولته الشهيرة بل فرض عليه اعطاءها الى رفيق دربه . منذ ان اضطر علي عبدالله صالح في اليمن من الختم على وثيقة ابعاده في السعودية بيده مع ضحكته الساخرة لمن اشار له لمكان التوقيع، فهو يخطط و يناور و يتحرك وفق عدو عدوي صديقي، و اقترب بشكل كبير من الحوثيين العدو القديم و الصديق الجديد، و اثر على العديدن بامكاناته المالية و معارفه و نجح لحد كبير في مناوراته مع تهيء الظروف الموضوعية في المنطقة و الصراع الدائر بين المحورين، و استثمر قوة المحور الذي اراد التغيير في اليمن، و الهدف هو عدم نجاح التغيير السلمي في اليمن مهما كلف الامر و وصل الى حد اليوم بعد التعاون و التنسيق و العمل السياسي المشترك مع الحوثيين، و لكنه لم ينته بعد، و لم يحصل على مرامه و كعكعته لحد الساعة، بل كل ما فعل هو التمهيد للاضطرابات التي حصلت و النتيجة هي ما اقدم عليه الحوثيون و سيطروا على العاصمة بشيء من الفوضى، و لا اعتقد ان ينجح صالح في مهمته بسهولة .
المالكي لم يتنازل لحد الان عن طموحاته و هو كما هو على الارض، بل لم يسلم حتى ما بحوزته من ممتلكات و خصوصيات رئيس الوزراء الرسمية الى المسؤل الجديد، فهو لم يستوعب خروجه من القصر بهذه الطريقة . فهل يتعاون المالكي مع الشيطان كما فعل علي عبدالله صالح من اجل هدف خاص لم يزل ينتظر تحقيقه. ان المنصب الذي استلمه ليس الا للحفاظ على الحصانة و منع محاسبته على ما ارتكبه من الاخطاء الجسيمة الفادحة بحق العراقيين جميعا من كافة النواحي السياسية و العسكرية و الاقتصادية وفقد العراق ثلث مساحته و افلسه لحدما و صرف ما كان يمتلكه العراق من الثروة الوطنية على امور حزبه و شخصه. اما الان تحرك بداية صوب لبنان و حزب الله عسى و لعل يجد منفذا مهيئا لاعادة النظر في امور او للاستقواء فيما ينويه، ليبقى سيفا مشهرا بوجه العبادي و من يريد عرضه على العدالة من جهة، و مستوسطا نصرالله للتقارب مع ايران اكثر لتضعه في الحسبان كامل ان احست بانحراف العبادي عن الارشادات و التعاليمات الايرانية الصارمة التي تعتبر خطا احمرا امام حرية حكمه و سلطته، بعدما راى انه لم ينجح في تحقيق مهمته في زيارته الى ايران بعد قلعه من السلطة . المرحلة متنقلة و لا يمكن ان نعتقد بان المالكي سيضرب ضربته فيها طالما بقى داعش على ماهو عليه الان من قوته و مكانته على الارض، و لكن المالكي و كتلته اليوم يلعب على الحس القومي اكثر من المذهبي في توجهاته و نياته في التحالف المستقبلي لذا لم يكف عن عدائه للكورد و هو ما يريد ان يقوي به مكانته و يجذب اليه اكبر عدد ممكن من الاصوات مستندا على روح التعصب الموجود في الثقافة العامة لهذا الشعب المغدور .
هناك فروقات عامة بين اليمن و العراق و لكن يمكن استغلال الموجود في العراق اكثر من اليمن ايضا، ان كان الاختلاف المذهبي هو المسند العام للحوثيين و استغله علي عبدالله صالح، فان المالكي ان تمكن، سوف يلعب على التوجهين العرقي و المذهبي ان استحسن في تطبيق خططه، و يقدر على اللعب بين التوجهات لمصلحته الشخصية و بامكاناته التي تكونها طوال الدورتين من حكمه .
اننا نعتقد بان ظروف العراق و ما يمكن ان يحصل ليس بيد المالكي لوحده مهما خطط و ناور و تآمر، بل الوضع في العراق بشكل عام خاضع للمتغيرات الموضوعية و صراع المحاور و ما يجري بين امريكا و ايران اكثر من الظروف الذاتية، لانه حقا اصبح الحديقة الخلفية لايران، فلا يمكن التضحية به من اجل شخص بل يتوقف اي تغيير محتمل على ما تستفيد منه ايران بشكل كبير، اي التغيير الذي حصل في العراق كان لصالح ايران و لم يات من المحور الاخر . من يحكم العراق الان و الشخص الموجود على سدة الحكم ليس بذي الاهمية للسياسة الدولية و الدبلوماسية التي تفرض ذلك على ايران طالما يتدخل بشكل مباشر في كل صغيرة و كبيرة و الساحة امامها مفتوحة نتيجة سياسات امريكا المعلومة في المنطقة، اي ما موجود في السلطة العراقية هو الالة نفسها و التوجه ذاته، و لم يفعل الجديد ما ليس لمصلحة ايران من اي جانب، بل زاد من نفوذها و انتشرت هيبتها و قوتها في المناطق الحساسة ايضا. اي، طالما كان المالكي يخطط وفق التغيير الذاتي باعادة الكرٌة في وضع العصا في عجلة مصالح ايران بشكل ما في هذه الدورة لحكم العبادي كي يثبت بانه هو من يؤمٌن مصالح ايران اكثر من غيره، الا ان فرصته قليلة في النجاح من تنفيذ ما يفكر به، و عليه فان العبادي هو الاكثر حذرا في التعامل مع القضايا الداخلية و هو ابن الحزب و التربية ذاتها .
ربما التخطيطات التي يستند عليها المالكي لم تثمر بما اثمر به صالح في اليمن لاسباب و ظروف موضوعية و ليست ذاتية عراقية، و التي يمكن ان يستغلها المالكي اكثر مما استغل صالح الوضع الذاتي في اليمن، و انما السيطرة الكبيرة للنفوذ الايراني و التنفيذ المباشر للاوامر اليومية لها على الارض ربما يعرقل ما يهتم به المالكي، و عليه ان لعب المالكي على الاختلافات العرقية سيكون اكثر و اقوى من المذهبية، و لكنه يعلم بان عمله مهلك و لا يمكنه ان يحصل على النتيجة التي حصل عليها صالح في المستقبل القريب في العراق مهما فعل .
مقالات اخرى للكاتب