لا أعتقد أن عراقياً حقيقي لا يفرح أن تكون بغداد "عاصمة للثقافة العربية" بجد ، ومن لا يتمنى ذلك مشكوك بعراقيته وأصله ، ولكني اتسائل .. هل الثقافة أهم لنا اليوم أم الأمن ، قطعاً هو الأمن ، حيث تزامن اليوم مع بداية الفصل الدراسي الثاني ومئآت الآلاف من أبناءنا الطلبة قد شدوا الرحال الى مدارسهم متوسمين بأحد أن يحفظ لهم أمنهم وأمانهم وهم يفتحون كتبهم للفصل الثاني مع تسعة إنفجارات هزت عاصمة الثقافة العربية اليوم ، الأحد ، لتذهب بأرواح الكثير من أبناء شعبنا تحت جحيمها اللاهب دون ذنب أو جريرة وليس سوى أنهم عراقيون يعيشون في "عاصمة التفجيرات العربية" ولا أعلم أي إرهاب اسود هذا الذي يطالنا وتحت أي مسمى تم مزامنته مع بداية الفصل الدرسي الثاني وابناءنا يتجهون ومعهم قلوبنا دائماً كل يوم مشفوعة بدعائنا أن يحفظهم الله من الهجمات البربرية التي تضرب متى تشاء وانى تشاء .
من المسؤول عن تلك الهجمات التي تطالنا على الرغم من أن الأيام القليلة الماضية كانت قد شهدت مجموعة من الفعاليات الأمنية الغريبة ، منها نزول قوات مختلفة الى الشوارع مع تشدد في السيطرات الأمنية وغلق لبعض الشوارع الفرعية في بعض المناطق .. وعلى الرغم من كل تلك الأجراءآت التي ننظر مدى هزالتها نرى أن هناك خلل كبير على أحد أن يضع نصب عينية أن أرواحنا في تهديد مستمر ولا يوجد حاجز مانع لتلك الهجمات ولا يوجد لدينا الأحتياط الأمني المناسب لدرءها عن أبناء شعبنا ، على أحد أن يعيد هيكلة الواقع الأمني للبلد وأن يؤشر حالات الخلل بسرعة ويتفحص تلك الحالات بعين المحترف .
إن إنتشار تلك التفجيرات في مناطق مختلفة من بغداد يدل على أن الخلل له مدى واسع ولم يختص بمنطقة محددة من مناطق بغداد واتساع الخلل له معنى أن المنظومة الأمنية هي ذاتها مصابة بالإحباط من عدم قدرتها على إتخاذ الإجراءآت الرادعة مما حدا بها الأمر الى أن تترك الموضوع الى الظروف والصدف في إلتقاط بعض العبوات وتفكيكها .
في 12/2 قرر مجلس الوزراء إطلاق الموازنة التشغيلية لمشروع بغداد "عاصمة الثقافة العربية" لعام 2013، والذي من المؤمل إفتتاحه في آذار من العام الحالي ، بضعة مئآت من المليارات هي تخصيصات المشروع ، ونحن نرى أن تكون بغداد "عاصمة الأمن العربية" خيراً لنا من أن تكون بغداد "عاصمة الثقافة العربية" فثقافتنا لم يحن موعدها بعد لكون ثقافتنا مربوطة بأمننا وأمننا مفقود مفقود .. نقترح أن يتم بتلك المليارات شراء المعدات الحديثة اللازمة لتأمين أبناء الشعب من تلك الهجمات ولا أعتقد أن ثقافة الشعب أهم من أمنه وسلامة أرواح ابناءه ، لقد أغلق الموت عقولنا عن أي نوع من الثقافة ولم نعد نستوعب شعراً او نثراً ولكنها قصص الموت والخوف وحدها التي تداعب مخيلاتنا .. لتذهب الى الجحيم تلك الثقافة التي تختلط مع دماءنا .. حفظ الله العراق وأرواح أهله من كل شر ، يرحمنا يرحمكم الله .
مقالات اخرى للكاتب