المشكلة التي تواجهها غالبية الاحزاب والقوى السياسية الموجودة على خارطة العمل السياسي بعد عام 2003 والى اليوم تكمن في الاشكالية بين جيلين او حتى بين عدة اجيال. . صحيح ان بعض هذه الاحزاب رأت النور بعد سقوط النظام الدكتاتوري القمعي السابق بسبب الديمقراطية التي تحولت الى اداة التغيير بعد نهاية مرحلة الانقلابات العسكرية، لكن توجد احزاب وقوى يمكن ان نطلق عليها لقب الاحزاب
التاريخية.
وهذه الاحزاب التاريخية تضم اجيالا من الذين انتموا اليها ربما من سنوات طويلة. وبعد السقوط واجهت هذه الاحزاب والقوى قضية الحرس القديم مقابل الدماء الشابة الجديدة او بعضها تعاني من كوادر هي بين الحرس القديم واجيال
الشباب.
وقد لاحظنا ذلك خلال الدورات الانتخابية الثلاث التي عشناها في العراق. ولكوني انتمي الى حركة سياسية تؤمن بالتجديد وقد تمكنت من ان اكون عضوا في البرلمان لدورتين انتخابيتين فان ما نلاحظه على صعيد الصلة بين القديم والجديد يكاد يتحول اليوم الى صراع الى الحد الذي دخل فيه مصطلح جديد يتم تداوله وهو “الازاحة الجيلية”.
واذا كان المقصود بالازاحة الجيلية هو تغيير او إبعاد جيل الحرس القديم وإحلال الشباب مكانه فان ما اخذنا نلاحظه هو سعي العديد من الاحزاب والقوى تشكيل حركات شبابية ومدنية لتلك الاحزاب.
واللافت للنظر ان العديد من هذه الواجهات يتزعمها او يشرف عليها ولو من بعيد واحيانا بشكل مباشر عناصر من الحرس القديم. بمعنى ان هذا القيادي الذي كان يحتل مناصب مهمة بعد التغيير ولم يعد عضوا لا في مجلس النواب او حتى في المكتب السياسي لحزبه او حركته تم تكليفه بمهمة اخطر وهي الاشراف او تدريب او حتى التنظير لحركات شبابية ومدنية حتى تكون رديفا آخر للقوى والاحزاب الرئيسية خلال الانتخابات
القادمة.
والواقع ان هذه العملية لا ضير فيها طالما هي تتبع اسلوب العمل الديمقراطي الصحيح، لكن الملاحظة الرئيسية حول العديد منها ان الكثير من القوى والاحزاب مشمولة الآن بالفساد وعمليات الاصلاح وما راح يظهر من مصطلحات ومفاهيم ولذلك فانها بدلا من العمل على تجديد نفسها من خلال المراجعة الجادة لاساليب عملها وماذا قدمت للمواطن الذي يبحث عن التغيير اليوم ويحمل كل الطبقة السياسية اللوم على ما حصل نجد انها تعمل على توزيع انشطتها بعدة قوى وحركات تمثل واجهات شبابية ومدنية مختلفة من اجل المشاركة في
الانتخابات.
وجمع اكبر عدد من الاصوات ومن ثم تعود مرة اخرى الى الواجهة من خلال اتباع هذا الاسلوب الذي يبدو ديمقراطيا في الظاهر لكن جزءا منه محاولة لتوظيف المال السياسي بطريقة غير صحيحة بحيث يضيع الهدف الصحيح من انشاء حركات وتجمعات ومنظمات شبابية الهدف منها ضخ دماء جديدة بالفعل وتجديد شباب العمل السياسي بما يعود بالفائدة على المواطن الباحث عن الامن والخدمات بينما تصبح هذه الحركات والتجمعات مجرد واجهات تصب في مصلحة القادة والزعماء فقط.
مقالات اخرى للكاتب