Sometimes it takes a long time. Please wait...
|
عمتي و المرموق... |
الأربعاء, أيار 28, 2014
ابراهيم حسيب
|
هذه هي المرة الأولى التي تكون فيها عمتي زكية على حق. لا أذكر أنها برأت من مرض أصابها، فهي دائمة الشكوى من تراكم المحن على بدنها، ومن غدر الزمان. وكانت تجد لذة في تكليفي بحقيبة شؤونها الدوائية الى درجة ان كل صيدليات بغداد تعرفني من كثرة ما ترددت عليها. عمتي زكية لديها عقيدة وقائية تجعلها جامعة للدواء وتأخذ احتياطاتها دائما خوفا من حدوث حظر تجوال طويل الأمد أو وقوع كوارث طبيعية أو حروب. اتصلت بي ووبختني هاتفيا قائلة بأن الدواء الأخير، الذي جلبته لها، لا يفيد، وأنها تشرب منه منذ أسبوع من دون أن تشفى. دافعت عن نفسي قائلا: ـ عمّة، كل أمراضك مزمنة، والدواء يتحول عندك بسبب الإدمان الى ماء! صاحت في أذني: ـ أنا أعرف بالأدوية أكثر من وزير الصيدليات! وأنا أقول لك ان هذا الدواء الذي اشتريته فيه علّة، وأريدك أن ترجعه للصيدلي وتجلب لي غيره! لم يكن باستطاعتي إرجاعه. لذلك اشتريت لها الدواء نفسه، لكن من صنع شركة أخرى ومن صيدلية مختلفة وذهبت به إليها. قالت لي بوجه حزين: ـ راح أموت بسببك! دافعت عن نفسي قائلا: ـ ما تفعلينه يا عمتي يضر بصحتك. الدواء مواد كيمياوية إذا استخدمناها بعشوائية تقتلنا. ردت: ـ اختيارك الخاطئ للصيدليات هو من سيقتلني! قلت ضاحكا: ـ انها صيدليات، وهذا يعني انها مجازة من الصحة، وأنا أجلب لك الدواء من أرقى الأماكن! وجدت عمتي تخرج من تحت الوسادة جريدة مطوية. فرشتها أمامي وسألتني: ـ أليست هذه هي الجريدة التي تعمل أنت فيها؟! يبدو انك لم تقرأ عدد اليوم يا ابن أخي! ففي جريدتك خبر عن غلق صيدليات تبيع الدواء المغشوش. وصيدليتك، التي تجلب لي منها الدواء، اسمها مكتوب هنا في الجريدة! ألقت الجريدة بوجهي وراحت تتوجع. صحت مدافعا عن نفسي: ـ ومن أين لي أن أعرف يا عمتي! انها صيدلية كبيرة ويديرها دكتور مرموق! قالت: ـ أنت وصاحبك المرموق لا تخافان الله! أنت تتهمني بأنني مدمنة دواء بينما أنت تشارك مع هذا المجرم المرموق في قتلي! أنا عمتك التي تحبك فكيف تفعل بي هذا؟! قلت بارتباك: ـ وأنا أحبك جدا يا عمتي ولكن لا ذنب لي بهذا! قالت بحقد: ـ الله ينتقم من كل مرموق في هذا البلد!
مقالات اخرى للكاتب
|