يتصاعد الاهتمام الدولي والاقليمي في معركة الموصل ،لاسباب استراتيجية عسكرية وجغرافية، حتمتها التحولات الكبرى في مشهد الارهاب العالمي المتصاعد خطرا على العالم ،وفي خضم صراعات وحروب اقليمية ودولية تخوضها دول المنطقة ،في مشهد الفوضى الخلاقة ، الذي رعته ودعمته الدول الكبرى في المنطقة ، وفي مقدمتها امريكا وإيران، راعيتا الارهاب العالمي ، وتحت يافطة الربيع العربي ، وهكذا عمت الفوضى،وتصاعد الارهاب في ابشع صوره ،بعد غزو العراق وليبيا ،وبعدها الحرب الاهلية في اليمن وسوريا والعراق ،التي ما زالت تحرق الاخضر واليابس فيها ، ومانراه اليوم من اصرار عالمي على مواجهة ارهاب تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، والذي رعته وصنعته امريكا وايران تحديدا ،كما اثبتتها الوقائع والادلة والوثائق والاعترافات الرسمية ، ما هو الا اجترار لارهاب تغذيه السياسية الامريكية في كل من العراق وسوريا ، ولنأخذ مثالا حيا هو معركة الموصل التي ينتظرها العالم كله ،بفارغ الصبر ، لتكون المعركة الاخيرة للقضاء على تنظيم داعش في العالم ،كما تدعي امريكا ودول الغرب ، فلماذا تؤخر امريكا معركة الموصل ، وكيف ستخوضها ،وهناك صراع ارادات اقليمية ودولية على المشاركة فيها ، وجني ثمارها عالميا ، نرى ان تأخير معركة الموصل ،يشي بخلافات دولية حول توزيع الغنائم والنفوذ،مابعد معركة الموصل والقضاء على داعش، اذن النفوذ والغنائم واعادة خريطة المنطقة،على غرار معاهدة سايكس –بيكو المنتهية الصلاحية الان ، هو احد اسباب التاخير ، اضافة الى فوضى وفشل المشهد السياسي العراقي الذي ينخر الفساد وتغول الميليشيات الايرانية في الشارع العراقي ، وبسط نفوها المريب على حكومة العبادي، وبروزها ،وفرض نفسها دولة داخل دولة ، وبهذا تواجه امريكا خطرا اخر على معركة الموصل ونتائجها ،وهو خطردولة الميليشيات ، وبدهاء الفرس المعهود ،عالجت حكومة العبادي موضوع خطر هذه الميليشيات، ارضاءا لايران وقادتها، وتماشيا مع مشروعها الفارسي القومي، فأدمجت الميليشيات ضمن المؤسسة العسكرية كاجراء شكلي ، تمويهي للهروب من الواقع الذي اخذ يؤشر على تصاعد خطرها، على العراق والامن والاستقرار والحرب الاهلية الطائفية، التي تلوح بها الان بافعالها الاجرامية بعد معركة الفلوجة ، وتمهيدا لاعلان الحرس الثوري العراقي.
الذي خططت له ايران واعلنه اكثر من مرة نوري المالكي بنفسه، ويعمل عليه الان لاعادته الى سدة السلطة ، وهو يمارس الان دور الدولة العميقة ،وهو أخطر ما يواجه العملية السياسية ويهدد مصيرها، برغم الفشل والفساد الذي انهكها بسبب الصراع السياسيعلى المناصب والمغانم السلطوية بين الكتل وداخلها ،وأحدث انشقاقات مفصلية فيها ،لذا فأمريكا الان في ورطة بالنسبة لمعركة الموصل،كيف ، حكومة العبادي وبضغط ايراني واضح وتهديد ميليشياوي معلن ،مشاركة الحشد الشعبي بميليشياته في المعركة، وهناك اصرار فرنسي وبريطاني وتركي وايراني وغربي على المشاركة ،وكل يروم الوصل بالموصل ضمن اجندته ومصلحته ،وقطف ثمار المشاركة لاهداف سياسية وعسكرية واقتصادية، في مرحلة مابعد داعش في الاعمار والبناء والمشاريع الكبرى ، والحصول على فرص تواجد طويل المدى ،لهذا فأن اشتراط هذه الدول على مواجهة داعش والقضاء عليها في الموصل والرقة مرهون بموةافقتها على شروط الدول ، وضمان مصالحها لزمن غير منظور ، خاصة وان امريكا ،
لايمكنها ان تدخل معركة الموصل لوحدها، خوفا من الفشل العسكري الذي قد يفاجئها في الموصل ،بسبب ضعف الامكانات العسكرية البدنية والعقائدية والتسليحية في الجيش العراقي ، وفشله في اكثر من معركة خاضها مع داعش ،ولهذا اضطرت ادارة اوباما لايجاد تحالفات دولية لخوض معركة الموصل، خاصة بعد ظهور تنظيم داعش في اوروبا وامريكا وقيامه بعمليات اجرامية في اكثر من دولة اوربية اقلقت العالم كله ومازالت تقلقه ، واحداث نيس وبلجيكا والمانيا وامريكا وغيرها ، قد وضعت العالم كله امام مسئوليتها الملحة، على ضرورة الاسراع بمواجهة داعش في معقله بالعراق وسوريا ،وهكذا استطاعت ان تحشد24( دولة) للمشاركة في اكبر معارك التاريخ ،وهما معركتا الرقة والموصل في آن واحد ،
وبهذا تكون امريكا قد ضمنت (النصر التاريخي)، الذي خططت له لتحقق اهدافا كثيرة ،منها ضمان فوز هيلاري كلنتون في سباق الرئاسة الذي تصر على انجازه بتحرير الموصل وتقديمها الجائزة الكبرى للفوز الرئاسي، ومنها ماهو استراتيجي عسكري وهو بناء اكبر قاعدة عسكرية جوية في الشرق الاوسط لعشرين سنة قادمة هي قاعدة القيارة البالغة الاهمية ،بعد غلق قاعدة انجرليك التركية، وكذلك تحقيق قصقصة اجنحة نفوذ وخطر الميليشيات ،بعد دمجها في الجيش كتغطية اجرائية تمويهية وشرعنتها من حكومة العبادي، وربما بتوجيه امريكي لحصرها في زاوية الجيش واوامره وسياقاته لكي يسهل السيطرة عليها فيما بعد اذا خرجت من الاوامر والقانون العسكري وعدم تنفيذ الاوامر العسكرية والانضباط حسب الرؤية الامريكية ، واضافة الى ذلك تغنم امريكا نفوذا واسعا وهيمنة وبقاءا اطول في المنطقة يسهل لها تنفيذ مشروعها العسكري والسياسي كما خططت له ،
وبهذا ستقطف جائزتها الكبرى لزمن غير منظور ،على حساب دماء العراقيين التي ستهدرها معركة الموصل، على يد قوات التحالف الامريكي والغربي، والحشد الميليشياوي الذي يصر على دخول الموصل ،والانتقام من اهلها بدوافع طائفية وحقد تاريخي ايراني معروف للجميع ، وهكذا ستكون معركة الموصل معركة تصفية حسابات دولية واقليمية ، وصراع ارادات وكسب مغانم وتنفيذ اجندات عسكرية، كلها بحجة القضاء على تنظيم هلامي لاوجود له امام جيوش جرارة وحشود لها اول ما لها تالي، وأحدث اسلحة وصواريخ ومدافع العالم وطيرانه المرعب الدقيق الاهداف، امام عصابات وحرب عصابات ليس لديها قدرة عسكرية امام مواجهة هذا التغول العالمي لقتل الناس بحجة داعش، نحن امام معركة صعبة جداااا ومعركة سهلة جدااااا في آن واحد/كيف، فهي صعبة على اهل الموصل الذين هم بين مطرقة التحالف وجيوشه والحشد وبين سندان داعش واجرامه واصراره على عدم الخروج من المدينة وتركها وشأنها بعد رفض اهل الموصل لهم ومحاربتهم ، وإعطاء تبرير تدميرها لامريكا والتحالف ،وسهلة جدا ، ان التحالف الامريكي والغربي ،يستطيع بامكاناته العسكرية والاستخبارية، وطيرانه في الاباتشي والخنزيرة وصياد الليل والطيران الحربي، من حسم المعركة بساعات ،ودخول الجيش لها بدون معركة ، والسماح لداعش الهروب الى الرقة والتحشد هناك، هذا هو السيناريو الذي يؤخر معركة الموصل، في وقت يدفع اهل الموصل، ثمنا باهضا جدا جراء عمليات القتل والتضييق عليهم ،
وفصلهم عن العالم ،وتجويعهم بحصار قاتل اجرامي في كل شيء، وتعمل ادارة اوباما على الاستفادة منه الى اقصى مدى داخليا وخارجيا لمصالحها الاستراتيجية العليا البعيدة المدى ،بغض النظر عن تداعيات عملها وانعكاسه على الامن والسلم العالمي وتغول وتمدد الخطر الداعش الذي يضرب اوروبا وامريكا بشكل هستيري يومي، لكي يشغل العالم بها ويبعدها عن هدفها الاصلي وهو معركة الموصل والرقة ، اشغال العالم عن معاركه هناك باستحداث معارك اخرى في اماكن بعيدة عن معاركه المفصلية ن مما يجعل الانشغال والتاخير في حسم معركتي الرقة والموصل قائما الى حين ، تقرر امريكا حسمها بهجوم مباغت وسريع ينهي جدل معركة الموصل ويضع حدا لتغولها واجرامها وما تفعله للعوائل والنازحين ومن هم داخل المدن ، معركة الموصل ، هي معركة التاريخ، وصراع الارادات العالمية والارادات الدولية والاقليمية ، لاجندات منظورة يدفع ثمنها اهل الموصل وليس غيرهم ، ولكن حسم المعركة بات قريبا ،
نتيجة الضغوط الدولية ،والضرورة العسكرية لتغول داعش وخطره الذي بات يهدد بشكل مباشر اوروبا في عقر دارها ،وهذا ما تخشاه وتعمل على ايقافه بكل قوة وجدية ، ومنها تسريع معركة الموصل ، في اقرب وقت ، وتسجيل نصر عسكري ستراتيجي، يضمن إبعادها عن الخطر الداعشي المتعاظم دوليا وعالميا ، ولكن سيبقى خطره الى آمد غير منظور مالم تعالج أسبابه ، وقطع جذوره المزروعة في ايران،معركة الموصل ستفضح الجميع ،بنتائجها العسكرية وسرعة تنفيذها ،رغم حراجة الموقف الدولي والاقليمي الان ،وتخادم الدول الكبرى لمواجهة تنظيم هلامي لعصابات هاربة لداعش ...
مقالات اخرى للكاتب