ضابط شاب يتجول في شوارع الخرطوم, شاهد على الرصيف امرأة تطلب المساعدة (تتسول) بصق في كفها ورمى النقود التي امامها الى المارة ثم ركلها بحذائه وانصرف, في الشارع صدفة مجموعة من المخابرات الأمريكية, قال رئيسهم "هذا سيكون رجل امريكا في السودان, تابعوه وأوجدوا صلة به فكان الرئيس الأسبق جعفر النميري".
ليس عصياً على امريكا ان تجد رجالها بين معارضي النظام البعثي قبل 2003 وهي على دراية, من لا يحترم شعبه سيخون وطنه, رؤساء الأحزاب الذين تجمعوا حول وليمة الـ (97) مليون دولار لمشروع تحرير العراق الأمريكي, وما تبعها من مؤتمرات تدجين ثم تأهيل اغلبهم لأخذ مواقعهم داخل مجلس الحكم الموقت حيث ساعة صفر مشروع الأنهاك والتجزئة ثم الأقلمة والتقسيم, العملية السياسية اذاً وريثة لمجلس قيادة الثورة البعثي.
من بين الأجراءات الصارمة التي اتخذتها الأدارة الأمريكية اضافة الى تصفية الرموز التي رفضت طريق التبعية والعمالة, منع من لا تطمئن لأخلاصة من عراقيي الخارج من الأشتراك في العملية السياسية حتى ولو بوظيفة خدمية متواضعة, ومن حاول تمت محاصرته وتهديده وتصفيته احياناً, اضافة لذلك, كبلت طاقم العملية السياسية الجديدة ومنها الدينية بشكل خاص بملفات فساد وارهاب من الحجم الذي لا يمكن القفز عليه, بغية اذلالهم وابتزازهم وتجنيدهم ومنع حراكهم من خارج منظومة مشروعها.
احزاب وكتل العملية السياسية التي تلوثت حتى اللحى في مستنقع الفساد والأرهاب والخيانات, اصبحت ليس منا ولا شيء لها فينا, ارضنا عرضنا ثرواتنا تاريخنا حضاراتنا وقبور اجدادنا لنا, ديننا مقدساتنا معتقداتنا ومن صدق معنا من مراجعنا منا ولنا, الرافدين وشمالنا وجنوبنا وشرقنا وغربنا لنا, عراقنا وعراقيتنا لنا, انهم عفش طائفي لا اصل ولا فصل ولا نسب لهم فينا, لا شيء لهم عندنا ولنا بين انيابهم اثار الدماء.
عملية سياسية فاسدة من بابها الى محرابها, ولدت عاقة معوقة من رحم جهالتنا, النازحون من المناطق الغربية, ازدحموا في الأمس حول صناديق الأقتراع ومنحوا اصواتهم الى كتل المادة (4) ارهاب, المتظاهرون في محافظات الجنوب والوسط, تزاحموا في الأمس حول ذات صناديق الأقتراع وانتخبوا احزاب المادة (4) فساد, اكراد الأقليم الشمالي الذين تتشابك مخالبهم حول حصة الأقليم من الثروات العراقية, ازدحموا في الأمس حول صناديق الأقتراع ليمنحوا اصواتهم لرموز الأنفصال و وهم التمدد, نحن الأوراق التي يلعبوها خسارة.
مهلاً فالقادم اعظم, انها اسوأ عملية سياسية عرفها التاريخ السياسي الحديث, الطريق معها معبداً بأبشع الأحتمالات, الأرادة الأمريكية في بيتنا وطاقم حكومتنا يقدمنا وليمة, انظمة الجوار تشرع لنا من داخل مجلس نوابنا وينفذ لها مجلس وزرائنا, تحدد مسار قوانيننا ودستورنا وديمقراطيتنا من داخل سلطة قضائية فاسدة, رئيس جمهوريتنا عاطل معطل منشطراً بين التزاماته الوطنية وتبعيته القومية, تلك هي ضريبتا ان واصلنا خداع انفسنا .
قال احدهم :
ـــ المتظاهرون سيتعبون ويعودون الى بيوتهم .
ـــ وان لم يتعبوا ـــ سألته ـــ ؟؟
ـــ سينفذ صبرهم ويرتكبوا حماقات ومخالفات قانونية دستورية, حينها سنبعثهم الى بيوتهم .
ـــ وان لم يرتكبوا ... ؟؟؟
ـــ سنرتكبها نيابة عنهم ولكل حادث حديث .
ـــ يعني ارتكاب مجزرة .. ؟؟؟ سألته .
ـــ المحافظة على العملية السياسية والديمقراطية والقوانين والدستور وسلامة الوطن والمال العام وممتلكات الناس واجب شرعي ستدعو اليه المراجع العظام ــ اجاب ــ .
شر الأحتمالات سيرتكب, حكومة الصفقة الخيانية تدفع بهذا الأتجاه, انها الآن في شراسة اللص المحاصر, عندما ارتكب صدام حسين مجزرة الأنتفاضة الشعبانية كان محاصراً, سيدخلوا التاريخ مثله من ابواب مجزرة وبضوء امريكي وربما مراجعي ايضاً .
27 / 09 / 2015
ايضاح : في المقالة السابقة ورد نص " بعدها سيفلت من يدنا عصفور كلنا وخيط جزءنا " ــ اعني نفقد الوطن (عصفور كلنا) ومعه الأقاليم (خيط جزءنا) .
مقالات اخرى للكاتب