هو عمر وهو عمار في الوقت ذاته.
هذا هو الاسم الأول لشخص استخرج جوازي سفر بالاسم الأول مرة وبالاسم الثاني في المرة الأخرى. والجيد أن مديرية الجنسية العامة عندما اكتشفت الأمر أصدرت أمراً بإسقاط الجوازين ومنع حاملهما من السفر لحين الانتهاء من التحقيقات في هذه القضية، كما جاء في أخبار الأيام القليلة المنصرمة.
"التزوير في أوراق رسمية" هي التهمة التي ستُوجه إلى هذا الشخص، وعقوبتها في القانون العراقي النافذ الحبس خمس سنوات.
ليس معروفاً كم أضرّ هذا الشخص بمصالح أناس آخرين بهذا التزوير، وكم استثمر الجواز المزور في تحقيق مصالح شخصية. قد لا يكون الضرر بالآخرين قد وقع، وقد لا تكون مصالح كبيرة قد تحققت، لكن هذا لا ينفي صفة الجريمة عن العمل الذي قام به عمر أو عمار. ولكل جريمة عقاب، مهما قلّ شأنها، لأن في هذا مصلحة كبيرة للمجتمع، فمَنْ أمِنَ العقاب أساء الأدب. ولهذا كان إجراء مديرية الجنسية العامة صحيحاً تماماً.
في المقابل ليس صحيحاً أن يستمر التستر على قضية الشهادات الدراسية والوثائق الرسمية التي زورها المئات، بل الآلاف، من الموظفين الحاليين في الدولة واحتلوا بواسطتها وظائف، بينها مناصب عليا، ويتقاضون عنها رواتب كان من اللازم أن تكون من نصيب أناس آخرين يستحقونها، وهم من حملة الشهادات وأصحاب الكفاءات الذين مرّ عليهم وقت طويل وهم بلا عمل.
منذ بضع سنوات تسعى قوى سياسية نافذة في السلطة إلى تشريع قانون بالعفو عن هؤلاء. وهذه القوى هي اسلامية على وجه التحديد، ويرجع موقفها هذا الى ان معظم المزوّرين ينتمون اليها أو محسوبون عليها وعلى قيادات هذه الاحزاب. فبعد سقوط النظام السابق عاد الآلاف من أفراد هذه القوى ممن كان يعيشون في ايران وسوريا وغيرها، ولم يشاءوا، أو لم تُتح الفرصة لهم، أن يُكملوا دراستهم في بلدان المنفى واللجوء للحصول على شهادة الثانوية أو الجامعة، فكان أن تواطأت معهم أحزابهم وسهّلت لهم أمر تقديم وثائق مزورة من انتاج سوق مريدي وغيره، أو حتى من صناعة مكاتب هذه الاحزاب عينها.
الحبس خمس سنوات سيكون الحكم على مزور جواز السفر، عمر أو عمار، مع انه ربما لم يُلحق أي ضرر مباشر بمصلحة لشخص ما أو عدة أشخاص بتزويره هذا. ومن اللازم أن تُوقع عقوبة أشد في حق مزوري الشهادات الدراسية والوثائق الرسمية الذين ارتكبوا، بالاضافة الى هذه الجريمة، جريمة أكبر هي سرقة وظائف مواطنين صالحين لم يرتكبوا أي جريمة في حق المجتمع والدولة.
أي عدالة وأي انسانية وأي وطنية وأي دين وأي تقوى وأي ورع، يتشدق بها المسؤولون "المؤمنون" في دولتنا، حكومة وبرلماناً وسلطة قضائية، وهم يحمون مزوري الشهادات والوثائق سرّاق الوظائف ويؤمنونهم من أي عقاب؟
مقالات اخرى للكاتب