إستخدم التحالف الدولي الجديد، تعبير "Inherent Resolve" على عمليات ضد ما يسمى تنظيم "داعش"، وهو تعبير يعني بالعربية "عزيمة صلبة" وقد تكون العزيمة الصلبة؛ إمتداداً وتكميلاً لعاصفة الصحراء؟ وحرب تحرير العراق؟ ومن جانب سياسي، نرى إن المغزى الحقيقي لهذا التحالف؛ هو البدء بتنفيذ مخطط بايدن، الذي يقضي بتقسيم العراق، وترسيم حدودي جديد للمنطقة عموماً.
في عام 1991 بدأت خطة تدمير العراق، عبر مخططات أعدها البنتاغون، ونفذها بدقة وغباء القائد الضرورة صدام حسين! نعم كان صدام حسين قائداً ضروري الوجود بالنسبة للقوى العظمى؛ لأنه نفذ أجندات أمريكا وحلفائها، في العام 2003 أسقطت قوى التحالف الدولي نظام الدكتاتور صدام، عبر تدخل بري وجوي، وكان الإعلام بقيادة محمد سعيد الصحاف يفند أخبار دخول الجيش الأمريكي الذي أسماه "العلوج"! إنتهى دور الطاغية صدام، وبدئت أدوار جديدة لسيناريو جديد.
صمدت المحافظات الجنوبية، وواجهت الأمريكان رغم معارضتها لحكم صدام ونظامه القمعي، بينما إنهارت بعض المحافظات بسرعة، ومنها مسقط رأس صدام حسين، بسبب صدمة ما حصل.
تعاني المحافظات التي يقطنها القادة السابقين في الجيش والأنظمة التي كانت تحمي القصور الرئاسية، من سيطرة داعش، وفسر بعض المحللين والسياسيين أسباب إستسلام هذه المحافظات لداعش جاء نتيجةً للتهميش من الحكومة وعدم إنصافهم، في حين إن هذه المحافظات لم تقاوم القوات الأمريكية بعد دخولها العراق، فهل كانوا مهمشين إبان حكمهم؟! لدينا علامات إستفهام عديدة ضد من يطالب بإستقدام قوات أمريكية الى بعض المحافظات العراقية، أو إعلان المحافظة إقليماً.
الإنفصال وتفتيت اللحمة الوطنية ليس حلاً أبداً، لجميع الطوائف والأديان والأعراق؛ فالوقت لا يصب لصالح الإنقسامات العرقية والطائفية والمذهبية، بل حان وقت التجمعات والتكتلات الكبرى، والعمل الجاد لبناء عراق مزدهر.
القوى التي تهيمن على العالم، إتحادات وليس دويلات، الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، الهند، جميعها إتحادات، مكونة من أعراق ومذاهب وأديان مختلفة.
نتسائل هنا: هل نجحت أي جماعة، إنفصلت عن الدولة الأم، في بناء دولة أخرى يٌحتذى بها؟
نجح الكورد بدورهم في الاستقلال عن العراق، وأصبح لهم سفارات وقنصليات واقتصاد خاص بهم، وبرلمان تشريعي يعمل لأقرار القوانين والتوجهات، عبر تصويت داخل هذا البرلمان، دون الرجوع الى البرلمان العراقي الأم.
لا يمكن أبداً أن نحل مشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية بتقسيم الأوطان وتفتيتها إلى دويلات ومحميات صغيرة، تحت مسمى فيدرالي أو كونفدرالي، هذا ليس حلاً، بل إمعاناً في تدمير الأوطان وإضعافها، بدل أن نضعف بلادنا ونقطع أوصالها، لنحتكم إلى الديمقراطية الحقيقية، القادرة على جمع كل مكونات الشعب العراقي حول طاولة الحوار والنقاش الجاد، ولنصهر الأزمات السابقة ولنذيبها.
لنتقاسم الثروات والسلطات بدل تقسيم الأوطان! فعندما يشعر الجميع بأنهم مواطنون، بغض النظر عن أديانهم وطوائفهم وأعراقهم، لن يفكر أحد منهم أبداً بالانفصال أو الاستقلال، بل سيدافعون جميعاً عن الوطن يداً واحدة، ولا داعي لدعوة العلوج مجدداً!