بكيت العراق بحرقة وانا اغادر المؤتمر وبكيت وانا اكتب مقالي وحين ارسلته للنشر نعم كان نعيا للعراق وموتا للاقتصاد العراقي بشكل رسمي , عقد مؤتمر التعاون العربي الهندي في نيودلهي ليومي 26 و 27 نوفمبر 2014 وكان مؤتمرا رائعا شاركت فيه اغلب الدول العربية الا العراق الذي كان غائبا رغم حضور السيد سفير العراق الاستاذ احمد البرواري والملحق التجاري العراقي الاستاذ خالد وانا بصفتي رئيس شركة مينا اندو عراق اكزيم كعراقي ولكن رئيس شركة هندية .
عملنا اكثر مما بوسعنا ان نجعلهم يشعرون بوجود العراق , ولكي يشعروا بوجوده كان لابد ان تكون قاعدة البيانات الاقتصادية حاضرة , المسألة ان خبراء كبار في الاقتصاد حضروا من كل البلدان العربية ومن الهند وهذا يتطلب ان اناقشهم واحاججهم بلغة البيانات والارقام وهذه البيانات رغم كونها غير موجودة الا ان وجودها لا يعني شيئا فبيانات الاقتصاد العراقي مخزية لا اجرؤ على عرضها وتحليلها امام خبراء عمالقة
لم اكن فقيرا بمستواي العلمي وخبرتي الكبيرة في عالم الاقتصاد فانا دكتور في الاقتصاد الدولي واملك شركة استيراد وتصدير منذ العام 1988 واملك هنا في الهند شركة استيراد وتصدير ولي علاقات مع كبريات الشركات الهندية العملاقة ولكن حالي كان كحال من وصفه الشاعر كساع الى الهيجا بغير سلاح
بدأت الوفود التي يراسها وزراء هم خبراء في الاقتصاد ورؤساء غرف تجارية يتعاملون مع الارقام بعينين مغمضتين ومن معلومة واحدة يحلل لك مستوى اقتصاد بلدك وكانت منافسة ليقدم كل وفد صورة عن بلده تساعد الطرف الاخر على توقيع عقود مشاركة في الاستثمارات الا نحن فلم يكن لدينا اي بيانات تشجع ان نطرحها لجذب المستثمرين .
لتشجع الطرف الاخر على الاستثمار في بلدك عليك ان تطرح له النسب المئوية للنمو في كل قطاع حيث انبرى كل وفد بعرض دراسات تتضمن نسب النمو في كل حقل فمثلا كم حقتت السياحة نسبة نمو خلال الخمسة سنوات الماضية وكم فرصة عمل تحققت نتيجة لذلك وكذا في الصناعة حيث عرضت كل دولة عربية كم حققت من انجاز في تطور الصناعة في بلدانهم وكيف انهم غيروا اقتصاد بلدانهم من اقتصاد ريعي يعتمد على بيع سلعة واحدة كالنفط في العراق مثلا يعتمد عليها كل النشاط الاقتصادي الى اقتصاد منتج وماهي الصناعات التحويلية والاستخراجية والمصنعة ونصف المصنعة التي حققوها ليشجعوا الطرف
الاخر المستثمر ان يستقرأ اتجاه الاقتصاد في بلدانهم فيتشجع على دخول الاستثمار هناك
لقد وضحوا كل شيء حتى السياحة العلاجية وكم حققوا نسبا في علاج مرضاهم ومرضى الدول الاخرى التي بعثت مرضاها لهم والصناعات الدوائية التي نجحوا في تنميتها ورفع نسبة انتاجها حيث عرفت الان ان الاردن هو الدولة رقم واحد عربيا في تصنيع الدواء .
شرح الوفد الاردني والوفد المصري سياستهم الاستثمارية وكيف انهم يشجعون على جلب المستثمر وبكى قلبي دما على ما وصل اليه حال بلدي العراق الحبيب على يد اغبياء تصوروا ان الحكم يشبه ادارة امور العشيرة .
ساضرب لكم مثلا عن سياسة الاردن في مجال الاستثمار وقد اخترت الاردن لتعرفوا كم هو الفرق بين امكانيات العراق وامكانيات الاردن .
قانون الاستثمار في الاردن جعل هناك نافذة واحدة للحصول على تراخيص الاستثمار وهذا يعني ان المستثمر لا يحتاج لمراجعة عشرات الدوائر للحصول على تراخيص الاستثمار , يراجع مكانا واحدا فقط وفي هذا المكان يجد كل دوائر الدولة هناك لخدمته وسمحوا للمستثمر بتملك المشروع كاملا دون الحاجة لشريك مواطن . وله حق ادارة المشروع بنسبة 100 % دون تدخل الدولة او السيد او الشيخ كما يحدث عندنا في العراق .
للمستثمر حرية ادخالواخراج رأس المال وارباحه دون تدخل الدولة وارتباط دوائر الاستثمار برئيس الوزراء مباشرة وليس كحالنا حيث ان رئيس الوزراء مشغول دوما بتثبيت حكمه ووضع السياسات التي يثبت بها الكرسي له ولعياله .
ناقش المجتمعون نقطة مهمة جدا وهي ضرورة توفر الشفافية في كل العملية الاقتصادية وسهولة الحصول على المعلومات التي يطلبها كل مواطن , فشرح الجميع كيف انهم يعملون وعملوا على انشاء حكومات الكترونية رقمية تمكن الجميع من الاطلاع على كل مفردات النشاط الاقتصادي من الالف الى الياء بمجرد الضغط على زر الحاسبة واشاد الجميع بتقدم الهند عالميا في علوم تكنلوجيا المعلوات التي باتت كل اوربا والولايات المتحدة تعتمد على الجانب الهندي في هذا المجال الذي اثبتت الهند تفوقها فيه عالمياودعوا الجميع الى اخضاع الاقتصاد للتقننة و جعله هندسة الاقتصاد ونحن لا زلنا نعتبر الاقتصاد فرعا ادبيا نعامله كما نعامل الشعر والقصة .
ما لفت نظري في الاجتماع هو سرعة اتخاذ القرارات بين الوفود ففيما اعلن رئيس غرفة تجارة الاردن انهم توصلوا الى اتفاق مع شركات هندية على استغلال واستثمار حقول الفوسفات في الاردن تدخل الوفد المصري وبكل رقة وادب عارضا عليهم المشاركة في ان تكون مصر شريكا لهم فهي تملك الفوسفات كما
الاردن وتريد الاستفادة من الخبرات الهندية في هذا المجال وكان لمصر ما ارادت . وانا جالس افر باذاني لا حول ولا قوة ففكرت ان ادخل على الخط في استراحة المؤتمر لاعرض على الاطراف امكانية العراق في صناعة الاسمدة الكيمياوية لما يملكه من امكانيات في توفر الكبيرت والذي يمكن ان يدخل في هذا المجال – مجال الاسمدة الكيمياوية , رحبوا بي وطلبوا ان اقدم لهم البيانات التي يحتاجونها في هذا المجال ومنها ما ذكرته سالفا عن نسب نمو كل قطاع فتراجعت محترما نفسي فهل يمكن ان اصارحهم ان الموازنة العامة للعراق لم تقر بعد ونحن شارفنا على نهاية السنة المالية او كيف لي ان اخبرهم ان الحسابات الختامية للحكومة لم تقدم منذ 8 سنوات .
انا اتعامل مع خبراء في الاقتصاد وليسوا شيوخ عشائر اطلب منهم العون . اعجبت بالوفد المصري كثيرا وبالدكتور عادل المصري مدير الكتب السياحي المصري في – مومبي في طريقة تفكيره وعقده لاتفاقات رائعة مع الجانب الهندي في مجال السياحة واعلن عن قيام مصر بزيادة عدد الرحلات الى الهند الى 8 رحلات اسبوعيا 5 منها الى مومبي و 3 الى دلهي وكيف انهم خططوا مع الهند لرفع عدد السائحين الهنود لمصر الى مليون سائح سنويا .
غادرت المؤتمر بعد انتهائه والدمع يكاد يتساقط من عيني على المأسا ة التي يعيشها بلدي وكيف ان كل شيء فيه لا يبشر بخير , لقد ابعدوا الكفاءات العراقية وجعلوا ادارة الدولة مثلما يديرون ديوان العشيرة الغلبة فيه للأقوى والاقرب الى شيخ العشيرة والطامة الكبرى ان شيخ عشيرة العراق اغبى مما عليه معاونوه وامره بيد الاخرين .
مقالات اخرى للكاتب