يفكر العبادي طويلاً عندما يستيقض صباحاً في ارتداء ربطة العنق فهو لايلبس مثلاً الربطة الصفراء لانها تشير إلى المجلس الاعلى الاسلامي ولايرتدي ربطة العنق الحمراء لانها تشير مثلاً إلى ايام زمن المالكي ولايفضل لبس "القاط " من دون ربطة لانها تشير إلى الصدريين، ويفضل ربطات العنق ذات الالوان الهادئة فعلى سبيل المثال يرتدي غالبا النيلي أو الشذري أو الرصاصي أو الفيرزوي وقلب العبادي يميل إلى ربطة العنق المشجرة فهو يعتقد أنها تضيف إليه وسامة واناقة.
وبعيدا عن ربطات العنق فأنه في ظل عباءة ازمات ذات رؤوس طويلة – ارهاب – مدن مدمرة – ازمة مالية تخنق الوجوه – قوات ضعيفة التسليح – انتشار الفساد في كل بقاع مؤسسات الدولة بشقيه المالي والإداري- تجاذبات دولية فوق الساحة العراقية - يطرح سؤال ثقيل هل يستطيع رئيس الوزراء حيدر العبادي إن يستمر بالجلوس على كرسي رئاسة الوزراء حتى ليلة 2/أيلول / 2018 يكون العبادي وقتها قد قضى اربع سنوات بالعد والكمال فشل العبادي في كسب ودّ نواب دولة القانون وفشل في انشاء دفاعات اعلامية وفيسبوكية وفشل في كسب ودّ المحللين السياسيين ولايفضل العبادي مجالسة شيوخ العشائر واخفق في فتح ابواب قصره إلى المواطنين وفشل في التوجه إلى الشارع وبقى منشغلاُ في قرارات تجميلة والحقيقة المؤسفة أن "الاصلاحات العبادية " ماتزال حبرا على ورق ولا اثر لها على الارض السياسية وكل الذي يجري هو عملية جراحية بسيطة في جسد معاق يحتاج إلى عملية فوق الكبرى.
العبادي في نفق التحدي، ملفان معقدان فوق طاولته، الارهاب و أزمة المال وفوق هذا ارضاء خواطر قادة الكتل السياسية الذين يشغلون له بين الحين وآلاخر الضوء الاحمر في حال استمر في تصريحاته التي قد تربك سيناريو مصالح قادة الكتل السياسية ومنافعها.
يعمل العبادي مع بعض قادة الكتل السياسية على قاعدة شعبية قديمة يتخيل له أنها تنفعوهي - اضرب الطفل وابتسم بوجه – لكن الحق يقال – هذه القاعدة لم تعد ذات قيمة مع الكتل السياسية ورجالها فقد كشفوا أن العبادي يقول لهم غير مايضمره في قلبه.
العبادي يكره الازمات هكذا يبدو الرجل ويشتغل وفق قاعدة ارضاء الناس غاية قد تدرك والرجل على يمضي على جسر ذي رأسين فهو بين قدم لكسب ودّ الشارع والمواطنين وقدم آخرى لكسب ودّ قادة الكتل السياسية.
لن ينفع الحديث الممل إلى وسائل الاعلام عن الإصلاحات وعن خطايا" القائد الضرورة" ولن تنفع ايضا الاجتماعات الطويلة مع المحللين السياسيين من ضمنهم من هم اشد فساداً واكثر نفاقاً ولايعرفون الا تجميل السواد، ولاتنفع كذلك اخفاء الحقائق التي تشيب الرأس عن ضرر بعض السياسيين وليس من الصواب أو من العقلانية التعامل مع المواقف الزلزالية بهدوء وبرود اعصاب وليس المهم ارتداء ربطة عنق" مشجرة" ذات الوان رومانسية بعيدة عن اللوان ذات الدلالات الحازمة.
من فواحش العبادي الكبيرة أنه يتبع سياسية دجاجية ويلجأ إلى تبريد المواقف الكبيرة والابتعاد عن المواجهة مع صقور العملية السياسية ويخفي الذنوب الكبيرة لبعض الكتل البرلمانية لعلها تستعيد رشدها الوطني.
ليس من عدالة القول أن يتحمل العبادي بمفرده حصيلة الشعور بـ"الخيبة"، الخيبة من ولادة جيل سياسي وطني أو مجموعة قادة يقدمون في مباحثاتهم مصلحة المواطن على مصلحة الاحزاب، الحديث عن المواطن في ذيل قائمة الاهتمامات السياسية هذه الحقيقة التي قد توجع القلب الوطني.
اسمع هذه الايام كلاماً كثيرا عن اخطاء العملية السياسية وعيوب تأسيها، كانت الفكرة أن تمضي البحر بقارب مثقوب افضل بكثير من الكثير البقاء في الضفة ساكناً حائراً، لكن الثقب اتسع ويكاد يأكل القارب كله ولم نصل بعد إلى الضفة آلاخرى والعراقيون تأكلهم السنين من الرأس إلى القدم.
يتحمل العبادي بالتأكيد مسؤولية"المكاشفة والمصارحة" مع المواطنين ووسائل الاعلام وفتح ابواب القلب في هذه الايام الصعاب التي تمر بها البلاد، لاسيما وان قادة الكتل السياسية – بعضهم أو أغلبهم- يتجهون إلى اذابة العراقيةوتحويل الجسد العراقي إلى شيعي وسني وكردي وصابئي ومسيحي وتتويج المكونات على المواطنة وبعضهم سعودي أكثر من وزير السعودية عادل الجبير وايراني اكثر من وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف وتركي أكثر من اوردغان نفسه وواشنطني اكثر من الرجل الاسمر اوباما وفوق هذا كله لا اخفي اعجابي بربطة عنق العبادي "المشجرة ".
مقالات اخرى للكاتب