ننظر لك منذ سنين وأنت تركض خلف الصبيان في المرابد المزيفة، عزيزٌ، ولكنك بالاسم. هل أنت الشاعر العراقي، أم السائح الذي أضاع كعكته الحجرية فلا يعرف أين يموت؟ ما الذي يأتي بك من مدينة الضباب إلى ملتقى هذا القميء الذي سرق عباءة الشعر الهزيلة؟ هل أنت الذي صعدت الجمل يوماً لتمضي أياماً وليالي في العراء، لا تؤنسك غير النجوم، وذكرى العراق التائه بين الحروب، حتى أخذتك الدروب من منفى إلى منفى، ورفعنا نحن الفقراء اسمك عالياً، وضممنا صورتك في حنايا القلوب، شاعرنا، وابننا البار الذي ضاع منا، نحييك ما رفّ جفنٌ، وما زرع الريحان حول الخيام؟ ما حدا مما بدى؟ هل بعتنا لكل من يرفع السلاح ليقتلنا في بيوتنا ونحن نيام؟ هل أضعت ريحك الأولى، أم انقطع سريان الدم فوق العظام، وصارت آلامك عاقلة؟ لكن أبواب العراقيين مازالت موصدة، وخيول العراقيين ما زالت تجري ظماء؟ كنت تكسر الخبز في ايادي العراقيين، واليوم تضمك موائد اللئام، عشائريين، وحزبيين، لا يوالون الله ولا الوطن. من أكسبك اليوم هذي الأسمال الباطلة؟ شاعر العراقيين، ام شاعر الطفيليين؟ من يطعم عيال العراقيين الآن؟ يا للعيب!
ألا ترى بأن عراقنا محكوم بالتقسيم، عاجلاً أو آجلاً؟ هل تطفئ أوجاعنا أم تأجج نار القتلة؟
سيقسموننا يا كريم، وأنت تأكل من موائدهم، ألا تستحي؟
مقالات اخرى للكاتب