إيان كوبيانترجمة لؤي الدوري
أوراق الحكومة الليبية التي تم جمعها مع بعض من قبل فريق من المحامين اللندنيين كيف أن المملكة المتحدة إتفقت مع طرابلس حول موضوع المنشقّين.
رسائل توني بلير الى معمّر القذافي كانت من ضمن الوثائق التي إستُحصلت من أبنية الحكومة الليبية.
توني بلير كتب الى العقيد مُعَمّر القذافي يشكره على "التعاون الممتاز" بين البلدين بشأن منظمات الإرهاب بعد فترةٍ قامت المملكة المتحدة خلالها بالعمل مع ليبيا كي تؤمن إختطاف المنشقّين الليبيين مع عوائلهم و تسليمهم الى نظام القذافي .
الرسالة التي كُتِبَت في 2007, تتبع فترةً سُمِحَ لها لضباط مخابرات النظام للعمل في المملكة المتحدة و مجابهة و إرهاب اللاجئين الليبيين في محاولة لإقناعهم للعمل كمُخبرين لمخابرات كلا البلدين.
الرسالة موجهة الى معمر القذافي تقول "عزيزي مُعَمّـــر" و موقعةً " مع أطيب التمنيات لك, توني", الرسالة كانت من ضمن مئات صفحات الوثائق التي تم الحصول عليها من دوائر الحكومة الليبية بعد ثورة 2011 و تم ترتيبها مع بعض من قبل فريق من المحامين اللندنيين.
المحامين يقدمون دعاوى تضرر بالنيابة عن حوالي دزينةً من معارضي القذافي الذين تم إستهدافهم من قبل
مخابرات البلدين خلال ذلك التعاون السرّي. المُدّعين كانوا إعتقلوا لفترات مختلفة و تم التعامل معهم بسوء في المملكة العربية السعودية و تسليمهم من مالي الى ليبيا أو تم إعتقالهم أو كانوا عُرضة لأوامر الرقابة في المملكة المتحدة.
ستة ليبيين, أرملة ليبي سابع, و خمسة ليبيين من حملة الجنسية البريطانية و شخص صومالي واحد يتقدمون بدعاوى ضد الحكومة البريطانية على أساس الوثائق المستولى عليها, يدعّون فيها السجن ظلماً, الإبتزاز, إساءة إستخدام السُلطة أثناء الخدمة و التآمر على الإعتداء.
الرسالة تم تحريرها في وقتٍ عندما تتعرض لها سجلات السياسة الخارجية لحكومة العُمــــال الأخيرة لتدقيقٍ مكثف. هذا الإسبوع رفض توني بلير مقترحات بأنه هو وراء السبب بنشر نتائج التحقيق في تقرير تحقيقات تشيلكوت حول قرار المملكة المتحدة للإشتراك في الحرب على العراق. توني بلير هو من ضمن الأشخاص الذين يتوقع أن يوجه النقد لهم في التقرير.
ليبيــــا, في هذا الوقت, إنحدرت نحو عنف أكثر و فوضى إقتصادية منذ الثورة, و الميليشيات المتحاربة يقصفون المناطق السكنية, يدمرون المطارات و يحرقون مصافي النفط من خلال محاولتهم الحصول على الثروة و السلطة.
الوثائق التي تم الحصول عليها تُظهِر أن الإم آي 5 و الإم آي 6 (صنفي المخابرات البريطانية) قد قاموا بتقديم 1600 سؤال الى إثنين من قادة المعارضة الليبية بعد أن تم إختطافهم بالمساعدة البريطانية و تم وضعهم بالطائرة و إنتهوا في أحد سجون القذافي. كلا الرجلين يقولون بأنهم عانوا من التعذيب الشديد.
رسالة توني بلير الى مُعَمّـــر القذافي في نيسان 2007
ترجمة الرسالة الصادرة من 10 داننج ستريت (مقر رئاسة الوزارة البريطانية):
عزيزي مُعَمّــــر – بخط يد توني بلير
آمل أن تكون أنتَ و عائلتكَ بخير
نحن نأسف, بأن عليّ إخبارك بأن النجاح لم يكن حليف الحكومة البريطانية في قضيتها الحديثة في المحكمة هنا و المتعلقة بالإبعاد الى ليبيا. أنا خائب الظن جداً بقرار المحكمة. أنا قد وجهت المحامين و المسؤولين للبحث بإمكانية تحدي قرار المحكمة. و أنتَ ستكون على علمٍ تام بكل التفاصيل عن طريق سفيركم عبدالاتي عبيدي. نايجل شينوالد قد كتب بالفعل يعلمه بتفاصيل إضافية عن هذا التطور.
أنا أتصور أنه من المهم أن هذا القرار لا يتم السماح له بأن يعرض التعاون المؤثر بين البلدين و الذي تطور في السنين الأخيرة بين المملكة المتحدة و ليبيا. لقد قمنا بعمل تقدم كبير.
أنه لمن المهم, من أجل الخير لشعبينا, أن يستمر هذا التعاون, و خاصةً في الحقل المهم و هو محاربة الإرهاب.
في النهاية, يسرني أن أضيف كلمة شكر شخصية لمساعدتكم, في قضية الإبعاد. هذا الدعم, و التعاون الممتاز في
إنتهت ترجمة الرسالة.
المعلومات التي تدفقت عائدةً الى لندن كنتيجة للتحقيقات في السجون على إفتراض أنها إستُخدمت لتبرير أوامر المراقبة التي تم وضعها على أربعة ليبيين معارضين مقيمين في بريطانيا. المعلومات يُفترض أنه تم توظيفها أيضاً خلال جلسات المحاكمات شُبه السرية, و التي خلالها قام محامي الحكومة بمحاولة تأمين الإبعاد لعدة رجال ليبيين. محامي الحكومة أنكروا أنهم إعتمدوا على المعلومات من السجناء في ليبيا.
رسالة بلير من داوننج ستريت تمت كتابتها في السادس و العشرين من نيسان 2007, لإخبار القذافي بأن المملكة المتحدة مقدمةً على الفشل في المحاولات لإبعاد إثنين من الليبيين يُفترض بأن لديهم روابط مع منظمة إسلامية مُعارضة, مجموعة المقاتلين الإسلامية الليبية (م م إ ل). في اليوم التالي سلمت محكمة النقض قراراً و الذي قررت فيه بأن المنتمين الى (م م إ ل) لا يُمكن إبعادهم الى ليبيا لأنه من الممكن أن يتعرضوا للتعذيب, على الرغم من أي تطمينات مُقدمة من قبل القذافي.
المحامين الممثلين عن الرجلين لم يعرفوا في وقتها أن التقييمات الإستخبارية لممثليهم كانت مبنية جزئياً على معلومات مستخرجةً من ضحايا عملية التسليم البريطانية – الليبية.
بدأت رسالة بلير الى القذافي: " آمل أن تكون أنتَ و عائلتكَ بخير". بعدها أخبر الدكتاتـــور بإعتقاده بأنه من المهم أن قرار المحكمة " أنا أتصور أنه من المهم أن هذا القرار لا يتم السماح له بأن يعرض التعاون المؤثر بين البلدين و الذي تطور في السنين الأخيرة بين المملكة المتحدة و ليبيا . . ليس اقله في الحقل المهم في محاربة الإرهاب."
و أضاف: " يسرني أن أضيف كلمة شكر شخصية لمساعدتكم, في قضية الإبعاد. هذا الدعم, و التعاون الممتاز من قبل مسؤوليكم مع زملائهم البريطانيين - - هو مساهمة في تقوية العلاقات الثنائية و التي قد نمت بين المملكة المتحدة و ليبيا. كما تعرف, أنا مصمم على تطوير هذه الشراكة بصورةٍ أكبر"
في نفس اليوم, قام كبير مستشاري السياسة الخارجية, الفارس نايجل شينوالد, بالكتابة الى وزير خارجية ليبيا, عبداللاتي العبيدي, منبهاً إياه بأنه كانت هناك إشارات في المحكمة ل "تصريحات عامة قام بها قائد الثورة", و أن ذلك أدى الى مناقشة حول القذافي أثناء الجلسات. رد العبيدي بأن القرار كان مخيباً للظنون بعُمق, لأن ليبيا كانت قد عَمَلَت كل ما كان متوقعاً منها, متضمناً الإجابة عن كل الأسئلة التي تم تقديمها من قِبَل البريطانيين.
صحيفة الغارديان وجهت عدداً من الأسئلة لبلير, تسأله إذا كان هو قد خول ال إم آي 6 للتورط بتسليم الليبيين المعارضين الإثنين مع عوائلهم: لماذا تم السماح للمخابرات الليبية للعمل داخل المملكة المتحدة: و لماذا كان هو قد شكر الدكتاتـــور على "تعاونه في قضية الإبعاد" في حين أن تلك المساعدة يدّعــــى الآن بتعلقها بتقديم معلومات تم الحصول عليها تحت التعذيب.
عبد الحكيم بلحاج يقوم بتقديم دعوى ضد الحكومة البريطانية
مكتب بلير قام بالرد بإصداره نفس البيــــان التي أعطاها الشهر الماضي بعد أن قامت إستخبارات لجنة مجلس السيناتورات الأمريكي بنشر تقرير عن إستخدام السي آي إيه للتعذيب بعد الحادي عشر من سبتمبر, عندما كان رئيس الوزراء السابق يواجه إتهامات بأن حكومته كانت شريكاً في إنتهاكات حقوق الإنسان.
يقول البيان: " لتجنب الشك, توني بلير كان دائمـــــــــــــاً معارضاً لإستعمال التعذيب: و كان يعلن ذلك على الملأ و في الجلسات الخاصة: و لم يتغاض عن إستعماله و أيضاً – كما هو موضح بوثائق الحكومة الداخلية التي اصبحت علنية – هذه الأشياء غير مقبولة كليــــاً. هو يعتقد بأن القتال ضد الإسلام المتشدد هو قتال من أجل القِيَــم و يعمل بالضد من تلك المبـــــادئ – كما هو الحال في التعذيب – لذلك فهو ليس فقط خطا بل و يعطي نتـــــــــائج عكســــية".
رسالة بلير كانت قد كتبت بعد عدة سنوات من التقارب بين المملكــة المتحــدة و ليبــا, و هو إجراء أخذ يستجمع بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر
تستطيع المملكة المتحدة أن تشير الى عدة إنجازات إرتفعت من العلاقة, بضمنها قرار القذافي في العام 2003 كي يتخلي عن محاولاته أن يطور أسلحة دمار شامل.
العلاقة أيضاً صادفت إنتقادات شديدة, مع ذلك, و ليس فقط من قِبَـــل هؤلاء الرجلين الليبيين الذين عانوا تحت دكتاتورية القذافي أو من مجموعات حقوق الإنســــان الذين كانوا يوثقون الإنتهاكات التي تم القيام بها مِن قبل نظامه على مدى أربعة عقــــود.
عندما كانت تلقي محاضرة ريث في 2011إ, ليزا ما ننغهام, التي كانت رئيسة ال إم آي 5 – المخابرات البريطانية خلال المرحلة التي كانت وكالات المخابرات البريطانية تعمل بتقارب مع الدكتاتــــورية الليبية, دافعت عن القرار لفتح قنوات الحديث مع القذافي لأنها ساعدت لمنعه من تحقيق طموحاته في أسلحة الدمار الشامل, لكنها أضافت: "هناك أسئلة للإجابة عليها حول العديد من العلاقات التي تطورت بعد ذلك و ما إذا كانت بريطانيا إرتشفت بملعقة طويلة بما فيه الكفـــاية".
الوثائق تم العثور عليها بمكاتب حكومية مهجورة في طرابلس بعد الثورة التي أطاحت بالقـــذافي و أدت الى مقتله في تشرين الثاني \ أكتوبر 2011. و هي تتضمن مكاتبات سرية من ال إم آي 6 و إم آي 5 مؤشر عليها تقييم المخابرات "المملكة المتحدة \ ليبيا عيون فقط – سرّي", و محاضر رسمية ليبية بين وكالات مخابرات البلدين.
الأوراق تظهر أن وكالات مخابرات المملكة المتحدة إرتبطت بسلسلة من العمليات المشتركة التي لم تكن معروفة سابقاً مع الدكتاتورية الليبــية و أن تلك المعلومات إستُخرِجَت من ضحايا التسليم و وظفت كأدلة خلال الإجراءات الشبه سرية في لندن.
خمسة رجال كانو قد تم تعريضهم الى أوامر رقابة تحت بند التقييم المخابراتي و التي يتم الإدعاء الآن بأنها كانت مبنية في جزءٍ منها على معلومات إستُخلِصَت خلال الإستجواب الليبي لرجلي المعارضة القياديين, سامي الساعدي و عبد الحكيم بلحاج, بعد عملية التسليم البريطانية - الليبية.
المحامين الذين مثلوا الرجلين الذين كانا تحت أوامر الرقابة يقولون بأن كلا المحكمتين العليا و مفوضية الهجرة الخاصة للنقض كانوا قد تم إبقاءهم بالظلام بسبب دور المملكة المتحدة بإختطاف الرجلين الذين كانوا يعطون المعلومات حول زبائنهم.
الوثائق تظهر أنه في العام 2006 تم إستدعاء عملاء المخابرات البريطانية للعمل على الأرض البريطانية و كانوا يعملون جنباً الى جنب مع ال إم آي 5 و يُزعَم أنهم قاموا بترهيب عدد من المعارضين للقذافي والذين كانوا قد أعطوا ملجئاً آمناً في بريطانيا. الوثائق أيضاً تظهر أن ضباط المخابرات البريطانية قد أعطوا معلومات عن رجل بريطاني من أصل ليبي و الذي عاش في بريطانيا منذ العام 1981 و كان قد حصل على الجنسية البريطانية في العام 1994 أيلول \ سبتمبر 2003 سلمت المخابرات البريطانية ملفاً يصف هذا الرجل ب "شخص معروف بين جالية المتشددين الليبيين في مانشستر و الذي قاد سابقاً مجموعة صغيرة من مجموعة المقاتلين الإسلامية الليبية (م م إ ل) في خلافٍ حصل في مسجدٍ محلي حول خطب الإمام المقبولة إسلامياً". عنوان سكن هذا الرجل و رقم تلفونه النقال كانوا أيضاً في الملف. الرجل يقول أن مسؤولي الحكومة الليبية إتصلوا به مراراً, يطلبون منه العودة الى ليبيا حيث قالوا له أن أفراد من عائلته يواجهون الإعتقال.
الوثائق التي عُثِر عليها تظهر أن ال إم آي 5 أيضاً سلمت لزملاءهم الليبيين عدداً من الأسئلة حول هذا الرجل, كي توضع للرجلين ضحايا عملية التسليم.
أخيراً, وافق الرجل على السفر الى ليبيـــــا, و فوراً تم إعتقاله و حسب إدعائه, تم تعذيبه. هو يدّعي بأنه تم ضربه و تعليقه من السقف, و ضربه بالمهماز الكهربائي, و هُدِدَ, و تم تعريضه لموسيقى عالية و أجبِرَ على سماع أصوات تعذيب الآخرين. تم توجيه تهمة الإنتماء الى مجموعة المقاتلين الإسلامية الليبية (م م إ ل), و بمساعدة هذا التنظيم في المملكة المتحدة, و تم سجنه الى حد آذار \ مارس 2010.
القضية تم تقديمها من قبل معارضي القذافي الإثني عشر ضد ال إم آي 5 و إم آي 6 و أيضاً ضد وزارة الداخلية و وزارة الخارجية. دوائر الدولة هذه رفضت التعليق طالما كانت القضية لاتزال قائمة.
يوم الخميس جرت محاولة من قِبَل محامي الحكومة لشطب القضية بدون أن يعترفوا بذنبهم لكن المحاولة فشلت عندما حكمت المحكمة العُليــــا بأن الإدعاءات "تملك أهمية بداخلها و تهم لرأي العام" و يجب أن يتم الإستماع إليها و التعامل معها من قبل المحاكم.
الحكومة جادلت في المحكمة العُليــــا بان المُدّعيــــن الخمسة الذين تعرضوا لأوامر الرقابة كانوا يعتبرون أنهم يشكلون تهديداً للأمن الوطني للمملكة المتحدة, و أن مجموعة المقاتلين الإسلامية الليبية (م م إ ل) أيضاً يشكلون تهديداً للمملكة المتحدة.
المحامين الذين يمثلون ال إم آي 5 و إم آي 6, وزارة الداخلية و وزارة الخارجية من المتوقع أن يعترضوا على قرار المحكمة.
مقالات اخرى للكاتب