ألوضع الإقتصادي في العراق يمر في هذه الفترة بأسوأ حالاته ماأنتج عن تفاقم العديد من المشاكل الإقتصادية ومنها قضية (البطالة) التي ارتفعت معدلاتها بشكل غير طبيعي حيث تجاوزت نسبتها في المجتمع الى أكثر من 30% وهذا المعدل يجب أن يُقلق السلطات التشريعية والتنفيذية في البلد ويحُثّها على البحث عن السبل الكفيلة لتقليل هذه النسبة الى أقل مايمكن.
هناك الكثير من الحلول المتاحة للحكومة للتعامل مع هذا الملف المهم والذي يمس حياة المواطن بشكل مباشر وأنا أحببت أن أركز في مقالتي على أحد هذه الحلول لاعتقادي بأنه من أهمها وأكثرها فاعلية في تقليل نسب انتشار البطالة ويتلخص هذا الحل (بالعمل على تشجيع العاطلين عن العمل لتوجيه أنظارهم صوب القطاع الخاص) لأن مايحصل على أرض الواقع هو أن جميع العاطلين تتوجه أنظارهم الى القطاع العام والوظيفة الحكومية ولا يتركون سبيلاً الا وسلكوه للحصول على مبتغاهم ومهما كانت مواصفات الوظيفة الحكومية حتى لو كانت بعيدة عن اختصاصاتهم, والسبب الحقيقي لهذه الرغبة هو الامتيازات المتوفرة في الوظيفة الحكومية والتي لايجدوها في القطاع الخاص ومنها التقاعد الذي يضمن حقوقهم وكذلك الاستقرار وضمان عدم فقدان الوظيفة لأي سبب,هذا إضافة للامتيازات الأخرى التي قد يحصل عليها ومنها احتمال حصوله على قطعة أرض وقروض حكومية ميسرة وإمكانه شراء سيارة أو أثاث للبيت بطريقة التقسيط وبضمان وظيفته الحكومية.
هنا يجب على الحكومة أن تتوقف وتدرس بعناية هذه الامتيازات وسبب عدم توفرها في القطاع الخاص والعمل على إتخاذ الإجراءات الكفيلة بجعلها متاحة في القطاع الخاص وهذا الأمر ليس مستحيلاً عليها وهي التي تمتلك جميع السلطات القانونية والتنفيذية التي تمكنها من اتخاذ خطوات بهذا الجانب, فمثلاً يمكنها فرض ضوابط وتعليمات صارمة على القطاع الخاص لتسجيل جميع منتسبيه في الضمان الإجتماعي لضمان حصولهم على رواتب تقاعدية أسوة بأقرانهم في القطاع الحكومي, حيث أن قانون الضمان الاجتماعي للقطاع الخاص موجود وساري المفعول ولم يُلغى في أي يوم من الأيام ولكن على أرض الواقع لاتعمل به معظم شركات القطاع الخاص وتمتنع من منح منتسبيها هذا الحق وذلك تهرباً من نسبة ال 12% من رواتب الموظفين والعاملين والتي ألزم القانون رب العمل بدفعها عن العامل في القطاع الخاص إضافة لنسبة ال 5 % التي تستقطع من العامل مباشرة.والأمر الآخر الذي يجب على الحكومة اتخاذه هو وضع تعليمات وضوابط لعقود العمل في القطاع الخاص ووضع آلية للرقابة على تطبيقها بحيث تضمن حقوق جميع العاملين وتحميهم من أي تعسف يصيبهم وخاصة في قضية إنهاء خدماتهم في أي وقت من قبل رب العمل وحسب رغبته ما يجعل العامل في القطاع الخاص يشعر بعدم الاستقرار في عمله وانه مهدد بفقدان فرصة عمله بأي لحظة دون وجود قانون يُنصفه.
علاوة على ماتقدم فان الحكومة يمكنها اتخاذ خطوات مدروسة لدعم القطاع الخاص ورفع مستواه وإشراكه بشكل فعلي في عملية التنمية عن طريق إعطائه فرص عمل حقيقية ومنحه القروض الميسرة وفتح قنوات التواصل المستمرة معه للإطلاع على جميع المشاكل والمعرقلات التي تواجهه والعمل على تذليلها والحرص على رفع قدرته ومستوى أدائه كي يستوعب أكبر عدد ممكن من الشباب العاطلين عن العمل.
ختاماً أقول أن جيش العاطلين عن العمل لو لمسوا على أرض الواقع ان فرص العمل في القطاع الخاص متيسرة وتضمن لهم حقوقهم الأساسية وخاصة التقاعد والاستمرار في العمل فإني على يقين أنهم سيتوجهون له ويتركون مغريات القطاع العام وصعوبة الحصول على الفرص فيه, وبذلك سنقلل من الضغط على القطاع العام وسنضمن تقليل نسب البطالة في البلد ونحمي مجتمعنا من مخاطرها ونتائجها السلبية.
مقالات اخرى للكاتب