شعوب الأرض , تلك الأمم التي تعلمت منها علوم الفلك والطب والهندسة والرياضيات وغيرها , فماذا قدمنا لأنفسنا ولأجيالنا أولاً .. ؟؟؟, وللبشرية جمعاء خلال الخمسة قرون الأخيرة على أقل تقدير ثانياً ؟؟؟, , بالرغم من موقعنا الجغرافي المتميز , وبالرغم من ما نمتلكه من خيرات وثروات ومياه وطاقات بشرية , لماذا تحولت كل هذه الثروات إلى نقم ووبال علينا , وتحولنا كبني آدمين إلى عبيد وخدم وحشم لدى أصحاب المعالي والسمو والفخامة ؟؟؟, كيف تحولت هذه الثروات والخيرات في ليلة وضحاها إلى ثراء فاحش تتمتع به فقط الطبقة والأقلية العائلية الحاكمة في جميع بلداننا ومشايخنا ومملكاتنا وجمهوريات دولنا العربية المزعومة خاصة ... والإسلامية عامة , لماذا يعتبرون أنفسهم هؤلاء الحكام أو بالأحرى هذه العوائل العربية الحاكمة والمتنفذة ... بأن كل ما تحت الأرض من كنوز وخيرات وثروات هي هبة الله وملك صرف لهم وحدهم لا شريك لهم فيها ؟؟؟, وجميع من يعيش فوقها من قرود وقطعان من بني جلدتهم هم عبيد وخدم لهم , يسهرون على خدمتهم وحمايتهم من كل سوء .. ويكتبون الشعر والغزل والمديح ويرقصون ويغنون لتسليتهم كي لا يزعلوا علينا .. أو لا يمنعوا عنا الهواء ... مثلاً في يوم من الأيام إذا غضبوا علينا لا قدر الله !!!؟
جبار الياسري .. إضافة تعليق لهذا التحليل الرائع أدناه
هل صنعنا شيئًا مفيدًا للبشريَّة
يبرِّر تباهينا المفرط بأنفسنا وتفاخرنا أمام العالم؟
(تحويل الكاتب عبد الهادي الجميِّل للنيابة الكويتيَّة بسبب هذا المقال الذي نُشر في صحيفة "عالم اليوم")
ما الذي حقَّقته دول الخليج بعيدًا عن النفط الذي تفجَّر تحت أقدامنا بفضل الصدفة التاريخيَّة وبقايا قطعان الماموث والديناصورات؟
لماذا نفتخر ببرج خليفة وبرج المملكة وبرج الحمراء التي لم يشارك مواطن خليجي واحد في بنائها أو صُنع طابوقة واحدة منها أو حتَّى في وضع مخطَّطها الإنشائي؟
النفط بنى كلَّ شيء حولنا ، وعندما ينضب في وقت لم يعد بعيدًا كما يبدو ، سيستطيع الإنسان أن يصل إلى قمَّة هذه الأبراج مشيًا فوق الكثبان الرمليَّة الضخمة التي ستبتلع هذه الحضارة الإسمنتيَّة الفارغة! أيُّ حضارة ندَّعيها ، وننسب أنفسنا قسرًا إليها!
الحضارة الحقيقية شيء آخر مختلف تمامًا عن الحضارة التي تروِّج لها وتدَّعيها حكومات الخليج وأبواقها من الصحافيِّين والمستشارين وضاربي الدفوف وحاملي المباخر.
العالم كلُّه يتَّجه نحو المستقبل ، ودويلاتنا الست تدور حول نفسها كالمغزل الصدئ! تاهت البوصلة وزاغت الأعين ، واستعصت الدفَّة على الأيدي الأمينة.
متى يعي حكَّام الخليج بأنَّهم ليسوا آلهة ، وإن حاول بعضٌ إيهامهم بذلك من خلال السجود لهم ، وتقبيل كتوفهم وأنوفهم وأيديهم! متى يعي حكَّام الخليج بأنَّ الشرعيَّة لا يحقِّقها تكديس الثروات ولا شراء الولاءات ولا الضرب بالهراوات ولا الحماية الأجنبيَّة! الشرعيَّة الوحيدة التي ينبغي أن يحرصوا عليها ، موجودة في قلوب شعوبهم الوفيَّة الصابرة التي لم تعد قادرة ، مؤخَّرًا على الصبر أكثر.
متى تعي العائلات الحاكمة بأنَّ العالم الآن غير العالم السابق ، وأنَّ شعوب اليوم ليست شعوب الماضي ، وأنَّ المواطن الخليجي لن يكترث بمستقبل النظام الحاكم ، متى ما شعر بأنَّ مستقبل أبنائه في خطر!
متى تعي العائلات الحاكمة بأنَّ مثيلاتها قد زالت من العالم ، وأنَّ بقاءها في الخليج لن يطول أكثر دون العدالة والمساواة واحترام حقوق الشعوب وكبح جماح الفاسدين من أبناء الحكم والطبقة المحيطة بهم!
متى تعي العائلات الحاكمة بأنَّ المعتقلات المكتظَّة ، لم تنقذ القذَّافي ، وأنَّ حسني مبارك ، سقط أوَّلا في ميدان التحرير ، وأنَّ قاذفات “الميغ” دمَّرت حلب ، لكنَّها لم تنجح في تدمير إرادة أطفالها ، وأنَّ قبيلة علي عبد الله صالح ضحَّت به في اللحظة التاريخيَّة الحاسمة ، فداءً لليمن!
متى تعي العائلات الحاكمة بأنَّهم لن ينالوا احترام الشعوب ، وهم لا يجهدون أنفسهم من أجل نيل هذا الاحترام؟
لماذا يريدون من الشعوب أن تؤمن بالدساتير والقوانين التي لم يؤمنوا بها لحظة واحدة رغم أنَّهم مَن وضعوها وفصَّلوها على مقاييسهم؟
لماذا تتصرَّف العائلات الحاكمة بأموال الشعوب ، كأنَّها إرث شرعيٌّ انتقل إليها من الآباء والأجداد ، ثمَّ يحاولون إقناعنا بأنَّهم أكثر زهدًا من الخليفة عمر بن عبد العزيز!
لماذا يتحدَّث بألسنتكم بعض الفاسدين ويحيط بكم بعض المشبوهين ويستقوي بكم أرباب السوابق ويدافع عنكم الحقراء ويلتصق بكم المستشارون الذين أرضوكم فأغضبوا الله والشعب!
لماذا لا تقرؤون التاريخ كي تتعلَّموا بأنَّ الثورات لا تشتعل ذاتيًّا في العراء ، بل تندلع شرارتها في الصدور وتضطَّرم في الشوارع وتنفجر في القصور!
مقالات اخرى للكاتب