الجزء الأخير من مهام المجلس الأعلى للزراعة والري
تطرقنا في الحلقة السابقة إلى سبب إستخدامنا لعبارة المجلس الأعلى للزراعة بسبب رئاسته من قبل رئيس الوزراء لأهمية هذا الملف وما يمكن أن يلعبه رئيس الوزراء من دور سياسي مهم للحفاظ على نهري دجلة والفرات من الجفاف خلال عقدين من الزمن بسبب السياسات المائية لكل من تركيا وإيران وإختفاء عبارة بلاد ما بين النهرين أو كلمة الرافدين بحدود عام ٢٠٤٠ ما لم تتخذ الإجراءات اللازمة والضرورية والمهمة من الآن للحفاظ على نهري دجلة والفرات من الإندثار، وتطرقنا إلى مهمتين من مهام المجلس الأعلى للزراعة، وهي توفير حقول تجريبية ونموذجية لا تقل عن عشرة حقول في كل محافظة، والمهمة الثانية كيفية تحلية مياه الأنهار والمياه الجوفية بسبب زيادة ملوحتها وبطرق إقتصادية ورخيصة للسقي، وأدناه نتطرق للمهام الأخرى لهذا المجلس وهي:
٣. إنشاء مركز إحصائي للزراعة والري، حيث تتوفر لدينا بعض المراكز الإحصائية في هذا المجال ولكن المعلومات المتوفرة غير كافية لوضع السياسات اللازمة لتطوير هذا لقطاع مع المتغيرات العديدة والسريعة في عصرنا الحالي، يجب توفير كافة المعلومات الإحصائية بشأن المياه ليس في العراق فحسب بل في كامل حوض نهري دجلة والفرات في تركيا وإيران فضلاً سوريا والعراق، حيث يجب توفير مكتب في السفارات العراقية في هذه البلدان لتوفير الإحصائيات المطلوبة، من مقدار مياه الأمطار والسدود والخزانات وتدفق المياه والكميات اللازمة في هذه البلدان من المياه لتوليد الطاقة الكهربائية وللسقي والتنسيق مع وزارات الزراعة والري المختلفة في هذه البلدان لضمان حصة العراق من المياه، ومناقشة الخطط المستقبلية لهذه البلدان في بناء السدود وتعبئة الخزانات والبحيرات الصناعية وتأثير ذلك على الزراعة في العراق، ومحاولة التوصل إلى إتفاقيات مشتركة لتحقيق مصالح هذه البلدان مع تقليل الأضرار المستقبلية على الزراعة في العراق، ويجب أن يتولى هذا المركز الحصول على إحصائيات دورية ضمن فترات متقاربة لمقدار تدفق المياه لكل نهر من أنهار العراق، ونسبة الملوحة، فضلاً عن المياه الجوفية وأعماقها وتغير هذه الأعماق وتغير نسبة الأملاح وتركيب هذه الأملاح، فضلاً عن كميات المياه الثقيلة وكيفية معالجتها وطريقة إستخدامها، فضلاً عن مساحات الأراضي الصالحة للزراعة وأراضي البور وإمكانية إحيائها، وكلف المنتجات الزراعية المختلفة في العراق، وحاجات السوق، والكميات المستوردة من كل محصول وأسعار هذه المحاصيل في السوق العراقي، فضلاً عن إحصائيات بشأن الثروات الحيوانية المختلفة والمنتجات الحيوانية من ألبان ولحوم وجلود وأصواف وغيرها، وحاجة السوق ومقدار الإستيراد وغيرها من الأحصائيات الضرورية لرسم سياسة زراعية واضحة وسليمة لتطوير هذا القطاع الحيوي والمهم فضلاً عن الصناعات المرتبطة بهذا القطاع.
٤. يتولى هذا المجلس بالتنسيق مع الكليات الزراعية والكليات الأخرى ذات العلاقة إنشاء مجموعة من المختبرات العلمية للطرق الحديثة في التكثير بواسطة الأنسجة وبألذات ألأنواع الجيدة من التمور وألمحاصيل الأخرى وإبتعاث العدد اللازم من المهندسين الزراعيين للدراسات العليا لمثل هذه التخصصات وبالذات في الجامعات العالمية والمؤسسات البحثية المتطورة، وتهيئة كادر تدريسي لتطوير الإمكانيات البحثية في الجامعات العراقية للطلبة والباحثين العراقيين داخل العراق.
٥. يتولى هذا المجلس أيضاً بالتنسيق مع كليات ألأبحاث الوراثية المرتبطة بألكليات المختلفة في مجال الهندسة والدراسات والأبحاث الوراثية وإنشاء مختبرات علمية متخصصة في هذا الجانب وإبتعاث العدد اللازم من خريجي هذه الجامعات للدراسات العليا لمثل هذه التخصصات وبالذات في الجامعات العالمية والمؤسسات البحثية المتطورة، وتهيئة كادر تدريسي لتطوير الإمكانيات البحثية في الجامعات العراقية للطلبة والباحثين العراقيين داخل العراق.
٦.يقوم المجلس بإنشاء مركز لتطوير عمليات السقي بالطرق الحديثة كالتنقيط والرش وتبطين الترع، ويتولى بالتنسيق مع وزارة الصناعة والقطاع الخاص بتصنيع ألأنابيب البلاستيكية المستخدمة للتنقيط إعتماداً على الصناعات البتروكيميائية، ويتولى هذا المركز بتوزيع هذه الأنابيب بسعر رمزي للمزارعين في العراق وبسعر مجاني للمزارعين في تركيا وإيران وسوريا بألتنسيق مع حكومات هذه البلدان وتدريبهم على إستعمالها وتعريفهم على فوائدها في زيادة الإنتاج بين (١٨٪-٥٠٪) والتوفير الكبير في إستخدام الأسمدة ( حيث توفر هذه الطريقة (٩٥٪) من كمية السماد الضروري لنفس المقدار من الإنتاج الزراعي) وفوائدها في تقليل أثر الأمراض والآفات الزراعية وفي الحفاظ على أعلى نسبة من المواد الازمة لخصوبة، وتقليل نسبة الأملاح المضرة للزرع، حيث إن تم إستخدام هذه الأنابيب بشكل واسع في تركيا وإيران وسوريا فإن ذلك يمكن أن يوفر حوالي (٥٠٪) من المياه المستخدمة للسقي في هذه البلدان وينعكس أثر ذلك على زيادة المياه التي ستدخل العراق، إن هذا المقترح المهم قد تم طرحه في عدة دراسات ومحاظرات من قبل المهندس الدكتور عزام علوش صاحب مشروع (جنات عدن) لتطوير وإحياء ماطق الأهوار جنوب العراق.
٧. يتولى هذا المجلس إنشاء مركز تطوير الزراعة من دون تربة، حيث بدأت مثل هذه الأبحاث تنتشر على مستوى واسع وبالذات في السنوات الأخيرة، حيث إستطاع اليابانيون تقليص كمية مياه السقي إلى (١٪) من الكميات المطلوبة لنفس المقدار من الإنتاج مقارنة بالزراعة الإعتيادية، كما يمكن زيادة ألإنتاج للمتر الواحد إلى ستة أضعاف، كما يمكن تقليص الدورة الزمنية إلى أقل من نصف الدورة الزمنية للإنتاج الزراعي الأعتيادي بإستخدام الضوء الصناعي، وأخذت تستخدم على مستوى واسع من قبل بعض البلدان كاليابان وكوريا الجنوبية، حيث إن الميزانية اليابانية للإنتاج الزراعي من دون تربة تتجاوز ال (٢٢) مليار دولار سنوياً، لقد كانت الكلف الإنتاج في السابق عالية، والكلف الأولية أيضاً عالية، ولكن الآن تضاءلت كلف الإنتاج بشكل كبير، والكلف الأولية بمرور الوقت أصبحت بسيطة مقارنة بسعة الإنتاج، لقد بدأت الكثير من الدول العربية تنشأ المشاريع الكبرى من أجل هذا النوع من الزراعة كالإمارات والكويت والبحرين والسعودية ومصر وغيرها، ويجب على العراق الشروع بمثل هذه المشاريع على المستوى التجاري وتحصين أنفسنا من المستقبل المجهول، وتوفير الإكتفاء الذاتي في توفير الأمن الغذائي.
مقالات اخرى للكاتب