تحدث اليوم في عراقنا ممارسات عديدة ظاهرة على السطح السياسي، كرد فعل لما تمارسه السلطة السياسية والتي يعتبرها الشعب ممارسات غير مجدية ومؤثرة للواقعالإجتماعي والسياسي والامني والثقافي. وقد تطرق الدستور العراقي الصادر عام 2005 ، في فصله الثاني (الحريات) من ممارسة هذا المواطن الحريات التي تحافظ على كرامة الإنسان وصيانتها . حيث أشارت المادة (36) منه في ثالثاً ،حرية الإجتماع والتظاهر السلمي دون الإخلال بالنظام العام والآداب. بمعنى كفل الدستور الحريات بشرط عدم تعارضها مع النظام العام والآداب، وقد حدد الدستور في ثالثاً (حرية الإجتماع، سواء أكان إجتماعاً حزبياً أو دينياً أو مهنياً ..ألخ. وحرية التظاهر السلمي ، أي التظاهر المنظم وغير المسلح، حيث أشار بتولى القانون تنظيم لهذا الموضوع.
وما يحدث اليوم من مظاهرات واسعة الغرض منها تصحيح ممارسات أعتبرها الشعب ممارسات مغلوطة وسلبية على الحياة العامة والخاصة التي تعمل على إدامة المجتمع العراقي وعيشه الكريم. وقد سمينا ممارسي هذه التظاهرات والجماعات (بجماعات المصلحة أو جماعات الضغط) . إذا ماذا نعني بهذا المصطلح؟؟. هو مصطلح يستعمل كمرادف لجماعة ضغط،كما عرفها عدد من المختصين وبمعنى كل الجماعات أو الإتحادات التي تسعى إلى التأثير في السياسة العامة للدولة وتعمل على تغيير قرار ليس بصالحها .فيما تحجم عن تحمل مسؤولية مباشرة في الحكم.وبتعريف أخر ل(ن.هنت) الانكلزي ، جماعة الضغط بأنها ( أي جماعة منظمة تسعى إلى التأثير في سياسة الحكومة في حين ترفض تحمل مسؤولية الحكم)، وعرفها أخرون بنفس المعنى التي تسعى بالتأثير في قرارات الحكومة.
على أي حال يظل مفهوم جماعة المصلحة هو الاكثر استخداماً في ادبيات السياسة المقارنة. بمعنى نقصد بها جماعات من الافراد تجمعهم مصلحة أو هدف مشترك يسعون إلى تحقيقه ليس من خلال الوصول إلى السلطة السياسية وإنما عبر التأثير في قراراتها وسياساتها.
وتتعدد تصنيفات جماعات المصالح،فهناك من يتخذ الدوام، التوقيت،معياراً للتمييز بين جماعات مصلحة دائمة تتكون للتعبير عن مصلحة أو هدف دائم، وجماعات مصلحة مؤقتة تتكون لأداء غرض محدد تنفض بعد انجازهوهناك من يميز حسب نطاق المصلحة بين جماعات مصالح تعنى بالمطالب الفئوية لأعضائها، وجماعات مصالح تعنى بقضايا عامة، وهناك من يجعل نوع المصلحة مناط التمييز بين جماعات مصالح اقتصادية. وعلى أي حال، تستخدم جماعات المصالح وصولاً إلى غايتها أساليب إقناع وضغط كالمساومة والدعاية والمساندة الانتخابية ومد الحكومة بالمعلومات والمقترحات وتقديم الهدايا والرشاوي لصانعي ومنفذي القرارات، وبناء الجسور مع الاحزاب . وتختلف أساليب التغيير عن المصالح تبعاً لمجموعة كبيرة من العوامل المترابطة.
ومنها التحرك والعمل على تعبئة المزيد من قطاعات الرأي العام الى جوارها، عن طريق تمويل الحملات الإعلامية المكثفة، ودعم بعض من اصحاب اصدار القرار في السلطة السياسية كي تحصل على الدعم الحكومي لمطالبها، لكن في العكس من ذلك أن المماطلة في اجابة هذه المطالب ربما ستكلف من وقع عليه الدعم ضرراً كبيراً. وعلى العموم لقد أكدت جماعات المصالح أو الضغط فعاليتها على مستوى التعبيير عن المصالح، ولم يعد هناك مجال لمنازعتها اختصاصاتها خاصة بعد التطورات الديمقراطية التي لحقت بكثير من دول العالم، والتطورات التي أصابت تلك الجماعات نفسها واضافت ابعاداً سياسية لتعبيراتها المهنية التقليدية.
واليوم ما يحصل بالمشهد السياسي بالعراق من مظاهرات الغاية منها هو الضغط المستمر والقوي على السلطة السياسية وغيرها من المؤسسات المجندة الغرض منها التغيير، لكن هذا التغيير المنشود غير مبني على ستراتيجية واضحة ، خاصة انها تتبدل بيوم وليلة تبعاً للمصالح بيد ان هذا الضط الذي اشترك فيه العديد من الذين يحملون افكاراً ربما تختلف احدها عن الأخرى، بيد ان الهدف واحد هو الضغط على السلطة السياسية وممثلي الشعب بالتغيير نحو الأحسن . وبعض الأحيان هناك تعاون بين جماعة المصلحة مع جماعة الضغط ( جماعة المصلحة يشكلون لوبي داخل مجلس النواب، وجماعة الضغط الذين يقدمون الدعم لذلك اللوبي) في سبيل التاثير في قرارات الحكومة، وبمعنى حمل البرلمان على التصويت مع أو ضد مشروع قانون ما، وبمعنى ايضاً، أن اصحاب المصالح هم يمثلون سادتنا النواب المتواجدين داخل قبة البرلمان، بينما جماعة الضغط هم التظاهرون الذين يتواجدون خارج قبة البرلمان.
وخير برهان ما يحدث اليوم في العراق ، بإقامة مجموعة من الشعب بممارسة الضغط على الحكومة لتغيير الكابينة الوزارية ، ويساعدها مجموعة داخل مجلس النواب بتحريك وطرح تلك المطالب.
مقالات اخرى للكاتب