منذ أربعين يوما اليت على نفسي ان اترك الكتابة والتزم الصمت واحتفظ بالم المعاناة لنفسي ,,ولوحدي وأكتم الهموم بداخلي ...أذ ما فائدة الكتابة والنشر لمئات المقالات لشعب غالبيته أموات ومكبسلين ومسطولين بغير كحول او خمرة اومخدر...أذ ثبت ان كل ما نكتبه جميعا نحن عشاق (ولست أنا وحدي) العراق وشعبه والعروبة والاسلام...كمن ننادي من لاحياة فيه ولا حياء ولادين عنده...
ولكن اليوم 28 / 5 / 2013 والذي يصادف ذكرى مرور سبعة سنوات على اتعس وأحزن يوم مر في حياتي وحياة عائلتي قررت ان اكتب ثانية ليس حبا في الكتابة وانما للتذير بمصيبتنا ..
ففي صباح مثل هذا اليوم المشؤوم خرج اولادي حيدر وسيف من البيت في ابوغريب وذهبا الى الفضيلية ولم يعودا الينا ثانية ...ومنذ ذلك الصباح المشؤوم .. ولم نسمع اي خبر عنهما .. تركوني وتركوا زوجاتهم واطفالهم نبكيهم ليلا ونهار طيلة هذه السنوات ولم تنشف عيوننا من دموع الحزن عليهم ... وبالرغم من مرور السنين ...فلا أحد منا تمكن من نسيانهم لحظة واحدة ..حتى ان اطفالهم المولودين بعد فقدانهم يسألوني ...متى يعود ابينا ؟؟؟ وهنا يتقطع قلبي الما ..عندما اكذب عليهم بحجة وعذر لاقناعهما بانهم سيعودون يوما ما ...
اما سبب خطفهما ..فكما علمت وكما اظن ...في نفس يوم الخطف وبعد ان علمت بخبر خطفهم ...كنت اتصل بموبيلات اولادي عسى ان يرد احدهما وفي ساعة متاخرة من الليل .. اجابني صوت غريب لآحدهم وبدون مناقشة ...طلب مني ان نطلق سراح فريق التكواندو المخطوف في محافظة الانبار لكي يطلقوا سراح اولادي ...عندها رجوته وتوسلت اليه واخبرته عاجز عن تحقيق طلبه ومن نكون نحن لكي نطلق سراح أولادكم ؟؟؟وما علاقة اولادي بعملية الخطف ؟؟ وهنا اغلق الحقير التلفون بوجهي ولم يرفعه ثانية ...
وانا شخصيا وحالي حال كل العراقيين كنت قد سمعت خبر خطف الفريق عن طريق الاخبار في الفضائيات ...ولم اكن أتوقع ان هذه الجريمة ستكون سببا بنكبة المئات من العوائل البريئة ...
وبعد ان لاحقت الخبر وتتبعت تفاصيل الحا دثة ..تبين ان بين الضحايا الشباب شاب هو اخ لعضو مجلس الحكم الموقت في زمن بريمر ...مع ثلاثة من ابناء عشيرته ...ولكي يضغط هذا المسؤول على الخاطفين لاطلاق سراح أخيه وابناء عمومته ... لجأ الى رجل دين وقائد احدى المليشيات المعروفة انذاك فاصدر فتوى فقهيه بجواز خطف رهائن مقابل فريق التكواندو ...
ولم يصدق هذا المسؤول وقادة جيش المليشيات المذكرة بصدور هذه الفتوى الملعونة من قائدهم الهمام ... الا وسارعوا وتفننوا في خطف الابرياء وبالعشرات والمئات وبمجاميع كاملة ومنها على سبيل المثل لا الحصر فريق الجنة الالومبية والذي لم يعرف مصيرهم حتى الان ...ويبدوا لي ((( وقبل ان تتحول الى فتنة طائفية شاملة فيما بعد كما تذكرون )))...اقتصروا على خطف الاهالي من سكنة الرمادي والفلوجة وابو غريب ولهذا شملت الفتوى اولادي لانهم من سكنة ابو غريب وليس لسبب اخر ...
والتي عممت فيما بعد الى صراع طائفي قاتل وشامل وخطف عشوائي وعلى الهوية من قبل القتلة والمجرمين لاسباب عديدة اهمها جمع المال الحرام من الفديات ...وقد ذهب ضحية هذه الفتوى المشؤومة الاف الضحايا من الابرياء المساكين ...ولابد لي هنا ان اشير الى من خطف فريق التكواندوا كانوا محسوبين على تنظيم القاعدة ((( كما أعلن في حينها والله اعلم بمن وراء الفتنة الطائفية ))) والذين هم ايضا لم يقصروا وانما زادوا من عمليات الخطف والقتل ورميهم بالانهار والمستنقعات ...هذا العمل الاجرامي كان يمثل معادلة اجرامية أحد طرفيها خاطفون من القتلة والارهابين ( من كلا الطائفتين )... والطرف الثاني ابرياء مغدورين تعذيبا وذبحا وبلا اي ذنب او جريرة ارتكبوها ... ((وايضا من كلا الطائفتين )))
من المؤسف والمحزن ان يعيد التاريخ نفسه بعد سبع سنوات ونشاهد نفس الخونة الطائفيين ونفس السياسيين ورجال الدين يعيدون احياء الفتنة وبشكل امر واقسى وبلغة طائفية معلنة وواضحة بلا لف او دوران ومن على شاشات الفضائيات ...
اليوم نجد من خطط للفتنة الاولى يعيد الكرة ثانية وبنفس الطريقة والسيناريو ...خطف المسافرين والعسكريين بمفارز وهمية ومن الطريق العام في محافظة الانبار ولابناء الجنوب والوسط وقتلهم بلا رحمة ...وقطع رؤوسهم وتشويه جثثهم وحتى حرقها ايغالا في اثارة نقمة عوائلهم وعشائرهم ...
فيبدأ ذوي الضحايا بالمقابلة بالمثل كرد فعل انتقاما لابناءهم وبسبب غياب الحكومة وسلطة القانون وبالرغم من مرور عشرة سنوات على سقوط النظام...
فيغيب العقل والعقلاء عن المشهد ...ويدفع الثمن الابرياء من الشعب ومن كلا الطائفتين رغما عن أنوفهم ...اما المخطط والمستفيد من ورااء اشعال الفتنة (الملعون ابن الملعون )...فيبقى خلف الاستار المغلقة يتفرج ويراقب ويضحك على الشعب المسكين والمظلوم ...
فالسادة الرؤساء الثلاثة ومستشاريهم ومساعديهم سالمين غانمين يرفلون بالعز والنعيم ...وهذا ينطبق على الوزراء والنواب وقادة الكتل السياسية والسياسين عموما ورجال الدين المعممين وغير المعممين ...وعلينا أن لاننسى أيضا رجال الظل وابطال اجهزة المخابرات الاكرمين والذين يتحكمون بخيوط اللعبة القذرة...اما من يخطف ويقتل ويعذب ويشوه فهم ...اما عابر سبيل ...او موظف صغير ...او عاطل فقير جوعان وحائر بهذا الزمان ...او طفل خرج ليلعب في الشارع ..
قبل سبع سنوات وفي مثل هذا اليوم المشؤوم مرت بي وبالاف العوائل مأساة لا اتمناها لعدوي ...اليوم اراها قد بدأت ثانية وأججها الظالمون ...ممن لايخافون من الله والقانون ...
أناشد كل من يمتلك ذرة من العقل والغيرة والشرف والشهامة العربية والانسانية ان يتصدى لهذه الحرب الطائفية الاجرامية القذرة ...والتي سنكون نحن الفقراء وقودا لها ...فلا المالكي ولا النجيفي ولا من لف لفهما سيتأثرون بالمصيبة .. وهنا لابد من التذكير بحقيقة مرة ومؤلمة ...الا وهي بالفتنة الاولى كانت القوات الامريكية موجودة فتصدت لها واوقفتها قبل تجاوز الخطوط الحمراء ...اما هذه المرة فمن سيوقفها ؟؟؟
و ثقوا بالله سيحترق الاخضر واليابس ...وسيصبح الشعب العراقي كقطيع من الغنم فرقته الذئاب في الصحراء شذر مذر ...جائعا ذليلا منكسرا ..
وثقوا بالله وابدا ... لا انا ولا عائلتي ولاعوائل المنكوبين من بقية ضحايا العراق الجريح لن ننسى ولن نسامح كل من شارك ولايزال يساهم بالعملية السياسة لانهم سبب بلوانا ...وسنبقى نلعن كل من خطف وقتل أبناءنا ورمل شاباتنا ويتم طفالنا ...وكائن من كان ...
اللهم احفظ العراق واهله ...اينما حلوا او ارتحلوا ...
اللهم احفظ سوريا واهلها ...فمصيبتهم نفس مصيبتنا ...
مقالات اخرى للكاتب