Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
وإذا الموءودة نطقت.. قصة قصيرة/ احمد العبيدي
الأربعاء, أيار 29, 2013

 

 

 

 

 

(كتبت هذه القصة من وحي ماساة الانفجارين الذين ضربا مسجدا وحسينية في الحلة يوم 20/5/2013 ، إنها قصة حقيقية بتفاصيلها وشخوصها)

كان التعب مستحوذا على خلايا جسدي كلها حين عدتُ من العاصمة بعد نهار قضيت نصفه في نقاشات ساخنة ونصفه الآخر جالساً خلف مقود سيارتي ، كم صار الوصول الى بغداد والتنقل فيها مملا ومرهقا ، طرق مغلقة وزحامات خانقة وسيطرات لا تحسن غير تمثيل دور عنق زجاجة .
ما ان وصلت البيت متلهفا لارتشاف دقائق من الاسترخاء في حديقتي التي اقضي فيها جل وقتي حين اكون بالبيت حتى استقبلتني قرة عيني ذات الخمسة اعوام ، بتوددها المعتاد : ماذا جلبت لي معك ؟ حقا ان البنات حسنات ، يعرفن كيف يملكن قلوب آبائهن ، سألتني وعيناها تتراكضان في أرجاء السيارة علّها تعثر على بغيتها .

الشهيدة مريم علي
عاجلتها لامنع إحباطها : بنيتي لقد أتعبتني رحلة اليوم ولم أشأ ان أشتري لك ما لا ترغبين ، سنذهب غدا الى سوق الحلة سوية لتختاري ما تريدين .
لم يقنعها ذلك ، اصرت ان اشتري لها (الموطا) من حانوت جارنا الذي لا يبعد عنا اكثر من مئة متر .
حسنا لا حيلة لي غير الامتثال : لنذهب.
مثقلة قدميَّ أجرّهما على شارعنا المترب ، فبقاؤك غاطسا لا تتحرك في مقعد سيارة ثلاث ساعات يصيب عضلات جسمك بالتصلب والفتور ، لكني وجدت المشي فرصة لتحرك الدم وعودة النشاط والتودد للجيران والتواصل معهم .
في طريق عودتنا وحيث كانت هي مشغولة بالموطا تلطع منها مرة واخرى تنظر الى كلب اعتاد الجلوس باسطا ذراعيه في منعطف الزقاق لا يؤذي أحدا ، سمعت صوتا من خلفنا ينادي : رقية... رقية ... رقية ...
كانت طفلة تصغر ابنتي بشهور ، ترتدي ثوبا أحمر نظيفا وقد صنعت لها أمها خصلتين من شعرها جانبيتين كابنتي تماما .
كررت الطفلة : رقية... رقية ... رقية ...
اسمعي يا قرة العين هذه البنت تناديك ، تظن ان اسمك رقية .
شغلني صوت هذه الطفلة ، أمتعني ، بل شدني .
قصّت قرة العين حكاية النداء لامها وأشّرت لها مكان البيت الذي كانت الطفلة تقف على عتبته .
ذكرتني ابنتي بشأن الطفلة في اليوم التالي ، لقد نادتها اليوم حين راحت برفقة امها للحانوت مرة اخرى : رقية... رقية ... رقية ...
ماذا يكون سر هذا النداء ، ولاي شيء استأثر بروحي واهتمامي حتى راح يتردد صداه في ذهني : رقية... رقية ... رقية ؟!!!
لقد عرفت اسم الطفلة ، انها مريم . لقد نادتني اليوم رقية أيضا . قالت لي ابنتي بفرح .
قلت لها بلطف : حسنا بنيتي لن أذهب اليوم لاي مكان فأنا متعب أكثر من أي يوم مضى ، رافقيني للحديقة لاصلي المغرب . لا تفتأ تجلس قربي تنتظر انتهائي من الصلاة مهما أطلت ، تصلي معي مرة وتضرب عن الصلاة مرات .
حين انتهيت من الصلاة ، تناهى الى سمعي صوت هاتفي النقال يرن بنغمته الهادئة المفضلة لدي ، ها إنه الوالد : السلام عليكم بني اين انت ؟
أجبته : وعليكم السلام أنا في البيت ابي ، خيرا إن شاء الله ؟
عقب بتوتر بدا لي من صوته المتسرّع : لقد حدث انفجاران قبل قليل ، حمدا لله على سلامتك ، إبق حيث أنت ، الوضع خطير بني .
طمأنته : حسنا أبي لا تقلق انا في البيت مع السلامة.
إن هي إلا لحظات حتى رن الهاتف ثانية ، إنه العبد الصالح كما أسميه : السلام عليكم ، حاج ، التفجيران اللذان وقعا قبل قليل استهدف أحدهما مسجد الوردية والآخر حسينية زين العابدين التي افتتحناها قبل شهور ثلاثة ، ويبدو أن الضحايا كثر ، سأذهب الى هناك لأرى ما حدث .
أرعبني الخبر ، قلت في نفسي ، حرب المساجد قد عادت ، حرب قذرة ملعونة ، أبطالها كأعواد الثقاب التي تحترق لتحرق ما حولها .
ناديته : لا حول ولا قوة الا بالله ، اذهب أنت وسأحاول اللحاق بك بأسرع ما تسمح به السيطرة التي لا شك انها أغلقت الشارع كما تفعل مع كل انفجار .
حين وصلت حسينية زين العابدين كان قد مر على الانفجار أقل من ساعة ، كان الناس يتراكضون ، أحدهم يسأل الآخر : هل رأيت حيدر ؟ ما هي أخبار عباس ؟ هلا شاهد أحد ثائر ؟ والشرطة قد ملأت مكان الإنفجار . حين شاهدت الحطام الملطخ بالدماء كادت عيناي تصرخ بالبكاء . أي مجنون فعل هذا يا رب ، أي مفتون بالعشاء مع الرسول فجر نفسه هنا ليحيل المكان ركاما من اشلاء ودموع ودماء وانقاض ؟!!
لم يكن مسجد الوردية أهون حالا ، وهو لا يبعد سوى بضع مئات من الامتار عن موقع الانفجار الأول .
لم نمكث كثيرا ، فقد ذهبنا الى المستشفى وكان الوقت قد تأخر قليلا ، فوجدناها تغص بالناس الذي كانوا يتحركون بعشوائية ويملأون المكان كله . الوضع في غاية الفوضى الناس تتناقل أخبار الجرحى والشهداء ، علي جليل استشهد ، حيدر مجروح ، وآخر لم يعثروا عليه ..
عدت الى البيت يتمكلني الحزن والتعب لا ألوي على شيء ، لكنني قاومت نفسي وجلست امام حاسبتي أكتب على الفيس تفاصيل الانفجارين ، وحين شارفت على الانتهاء انطلق من بيت جارنا صراخ وعويل نساء ، انه صوت الثكل ، استطيع ان أميزه بوضوح ، تعجلت إنهاء الخبر لانهض مسرعا نحو مصدر الصوت ، واذا بالناس يتجمعون أمام الباب الذي كانت تقف عليه الطفلة مريم ذات النداء الرخيم : رقية... رقية ... رقية ...
ماذا حصل أخبروني ؟ سألت الواقفين.
أجابني جاري أبوعمار : لقد ذهب علي برفقة ابنته عصر هذا اليوم الى الطبيب فلما انتهى من الطبيب كان الاذان قد رفع في المسجد القريب ، فدخل مع ابنته ليصلي المغرب ، فدخله انتحاري فجر نفسه بين جموع المصلين . لقد عثر اخوته على ابنته الصغيرة ميتة قد مزق جسدها الطري حقد لئيم ، ولم يعثروا على علي ، لعل ملامحه شوّهتها الحروق فلم يميزوه بين جثث الأموات .
سألت وكادت نفسي تزهق : ما عمر الطفلة ؟
انها صغيرة ، عمرها اربع او خمس سنوات . أجابني بهدوء
أتكون هي مريم ؟ سألت كمن يسأل عمن يعرف .
نعم هي مريومة . أجابني ابو عمار مطرق الرأس بحزن شديد ، وأما الواقفون حولنا ، فظلوا كأن على رؤوسهم الطير .
أسرعت للبيت أكتب بقية مأساة هذا المساء ، كنت أطبع على أزرار حاسبتي وعيناي نصف مغمضتين ، والحزن والتعب والنعاس قد أخذ مني مأخذا عظيما . فما ان اكملت الخبر حتى شعرت ان عليّ أن أغادر هذا اليوم ، أن أغرق في النوم ، أن أرحل مع الاموات ولو لساعات .
استيقظت باكرا ككل يوم ، لكنه لم يكن كباقي الايام ، فأول ما سمعت فيه ذات العويل والصراخ الذي افزعني في الليل ، ياحي يا قيوم ، لعلهم وجدوا جثة علي فاستأنفوا العويل .
وبينما رحت أجري صوبهم لحقت بي طفلتي ، فلما وصلت واذا بسيارة تحمل فوقها تابوتا صغيرا لا يتجاوز طوله متراً واحداً ، والاطفال والنساء متعلقون بالتابوت يبكون بحرقة ولوعة ، الجميع كان يبكي ، الرجال والشباب مع النساء .
لقد وصلت متأخرا بعض الشيء ، كان الاهل يودعون طفلتهم الى مثواها الخير.
تحركت السيارة ذات التابوت الصغير لتجتازني ، شعرت أن قشعريرة استولت عليّ ، انها مريم ... لقد رحلت مريم ، لن نسمع بعد اليوم نداءها الرخيم ..
وحين انعطفت السيارة بالقرب مني وراحت تبتعد مسرعة عاد ذلك الصوت مخترقا عنان السماء ليتناهى إليّ من بعيد :
رقية... رقية ... رقية ...


اقرأ ايضاً

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.41165
Total : 100