في تلاطم امواج الصراعات والازمات المستمرة في بلادي, اسير في رحلتي هذه باحث عن براقة امل, علي اجد ذلك الباب الذي يخرجني من هذه الدوامة, اليوم سأكون ناطقا بإسم ابناء شعبي, الذين ما ان يخرجون من دوامة حتى يدخلون بأخرى اكثر تعقيد. مرة سرتُ في طريق ليس لدي فيه وسائل الوصول الى نقطة هدفي, سوى ادوات ذاتية محدودة القدرات, لكنني امتلك بعضا من الطموح المتبقي فيَ من رواسب ايمان لم يغادرني, رحلت صوب امل لم افقده بأن ثمة ضوء في نهاية النفق, وحالي حالكم لدي كم هائل من المشكلات, ويتعين عليَ ان اجد حلاً لها, امامي مبنى عالي الاسوار متعدد الابواب.. توجهت نحو الباب الاول فحاولت فتحه بيدين عاريتين, واستخدمت كل ما لدي من قوة ولكنه لم ينفتح, إذ كان عصي الفتح. استخدمت المطرقة والازميل, و تمكنت بعد جهد جهيد من فتحه, وراعني ما وجدت, فخلفه جدار كبير قد بني بأحجار الكراهية وتأريخ طويل من الشحن الطائفي, والتحريف الدين الحنيف بل ولكتاب الله ايضا!.. استخدمت كل ما امتلك من قوة كي أنل من هذا الجدار لكني فشلت فشلا ذريعا. دفعني فشلي لترك هذا الباب, فتوجهت الى اخر على امل ان ادخل عبره, حاولت فتحه فلم ينفتح هو الآخر, فاستخدمت عضلاتي, اذ ان فيَ بقية من شباب, تعينني على فتحه فتمكنت من ذلك, ولكنني فوجئت كما في المرة الاولى بجدار آخر, ولكنه كان مختلفا بعض الشيء, عن ذلك الذي واجهته خلف الباب الاول, فقد بني هذا الجدار بمواقف متشنجة وتحزب واقصاء وتهميش, تدعمه الأنانية والشخصنة, كان هذا الجدار اشد صلابة من جدار الكراهية والطائفية, اعيتني كل السبل ولم أفلح في ولوجهِ, فتركته يأسا وتوجهت الى باب آخر. وقفت امام الثالث وقد ملئتُ يأسا وقنوطا, لان تعب فتح البابين الذين سبقاه اخذ مني جهدا كبيرا, فأضطررت للأستعانة بمجموعة من الرجال الذين يحملون نفس همي وقضيتي لفتحه, ففتحناه والغريب اننا وجدنا جدارا اخرا, قد بني بأموال خارجية شيدته ليكون بمثل هذه الصلادة, دول عدة انفقت تلك الاموال ودعمته وسائل إعلامية قذرة, كم ذكرني هذا الباب بباب خيبر, وللأسف لم يكن قالع ذلك الباب حاضرا ليقتلعهُ, كم كنا حزينين وبدأت احلامنا بالتبدد ويضمحل املنا. لم يتبق سوى باب واحد, توجهنا صوبه وقد انهكتنا تلك الابواب المشؤومة, ولم نعد نمتلك الا الدعاء والتضرع الى الله جل في علاه, وهذه المرة تقبل الله دعائنا, فأنفتح الباب بكل يسر, اذ وبمجرد وقوفنا ازائه انفتح وكانه كان ينتظر من يفتحه!.. لم نفرح كثيرا, خوفا من الجدار الذي اصبح شبحا يطارد احلامنا, إذ لسهولة فتح الباب كنا نتوقع ان نجد جدارا كونكريتيا اشد بأسا.. هذه المرة لم نجد جدارا بل طاولة تحيطها مقاعد فارغة, وقد وضعت على الطاولة باقة ورد على شكل خارطة العراق, توجهت الى الباقة واحتضنتها, وعندما شممتها شممت رائحة دم شهداء العراق فانهمر الدمع من عيني, فقد كان عطر الدماء زكيا يملأ الجنبات, من هنا ادركت ان باب الحوار وحده يستطيع ان يلغي كل الابواب, ولكن عندما تجلس كل الاطراف خلف الطاولة ..
مقالات اخرى للكاتب