"أتمنى ان يقرأ مقالي احد المسؤولين".. بهذه الكلمات اختتم أحدهم مقاله من دون ان يضع اسمه عليه، والغريب أن الناشر هو شبكة الاعلام العراقي، والاغرب أن المقال المعنون "مأساة الشباب" جاء ضمن رفّ "مقالات ثقافية".
يتحدث المقال عن معاناة الشباب ومتاعبهم والامهم وسهرهم، وأيضا عن مثابرتهم بالدوام أوقات المطر والحر الشديد، ويقول: هنا تسكب العبرات، اذ ان الحر في صيف العراق لا يمكن لبشر ان يحتمله، فكيف يدرس الطالب؟ ونحن بلا كهرباء، لا في البيت ولا في المدرسة.
ثم يسأل: برأيكم كل هذا من اجل ماذا؟
ويسرد أنه في ليلة من ليالي تموز 2007، ولان البيت ضيق شبيه بالقبر! ولا توجد نسمة هواء، والكهرباء "مطفية"، يضطر الى الخروج للشارع كي يقرأ، ويستغرب الشرطة منه كثيرا ولا يسمحون له الا بعد تفتيشه والتأكد انه لا يحمل موبايل فقد كانت تلك "أيام الاغتيالات"، ويعود يسأل: برأيكم كل هذا من اجل ماذا؟
ويضيف: أيضا في احد ايام الامتحانات العصيبة كان لا بد ان اذهب الى الحلاق، فقلت لا بد ان استغل الوقت، وذهبت لمحل الحلاقة وكتابي بيدي! والله وبالله وتالله - وهذا قسم لو تعلمون عظيم - حتى عندما كان الحلاق يحلق شعري كنت اقرأ وأراجع موادي الدراسية، برأيكم كل هذا من اجل ماذا؟؟
وهنا يجيب عن سؤاله: كل هذا من اجل ان نخدم البلد أولا، ومن اجل ان نحصل على العيش الكريم من خلال تعييننا في احدى دوائر الدولة، الا انه وللاسف الشديد لم نتعين لحد الان، لماذا؟ لاننا مستقلون وليست لدينا علاقة بأي مسؤول في الدولة ولا توجد لدينا الاموال الكافية كي نعطيها كرشوة، وها نحن جالسون في البيوت.
ولا يكتفي صاحبنا بذلك بل يحاول من اجل حل أزمته أن يقشمر الحكومة (المفتحة باللبن)، فيقول وهو متشبث بقوة بفكرته أو قشته: لدي رأي معين، على الرغم من انه يزعج البعض، وهو ان تكون التعيينات، 80% للرجال و20% للنساء، وذلك لان الشباب عندما يتعينون فبالتأكيد اول مشروع يفكرون به هو: الزواج.
ويكمل: اما اذا تم تعيين المرأة، فماذا سنجني؟؟ سنجني الفوارق، اي ان هذه المرأة الموظفة لا تقبل الا برجل موظف! بينما اذا تم تعيين الشاب فانه سيتزوج، وسنقضي على العنوسة لان الشباب سيتزوجون جميعا، ويتم حتى القضاء على الارهاب، لان اغلب الشباب بسبب البطالة يلجأون الى العصابات والمجرمين.
انها مقالة رغم طرافتها تدمي القلب، وتضاعف الحزن على الشبان وعلى البنات وعلى البلد المستباح.
وتتذكر المراسل الاجنبي الذي سأل شابا من بعقوبة: ما هي أحلامك؟
فأجابه: أن أتزوج، وأن يكون لي بيت.
فتفاجأ المراسل وخاطبه قائلا: عفوا عزيزي، أنا لم أسألك عن حقوقك.. بل عن أحلامك.
مقالات اخرى للكاتب