ربما كلمة وحش قليلة بحقه , فالوحش مهما بلغت خطورته فإنهى لا تتعدى إيقاع الأذى بواحد أو أثنين أو قل عشرة , لكن هذا الوحش يوميا يقتل المئات , حتى إن الوحوش من شاكلته والتي كانت أكبر منه هيبة وأكثر خطورة باتت هي الآخرى تخافه , فما بالك بالناس العايين .
ولد في أحضان العم سام بمباركة إسرائيلية وقرأت عليه كل آيات التبريك ونظريات التصنيع فصار يملك من العدة والعدد الكثير , كان الهدف منه إخافة التنظيمات المشاكسة للقاعدة , أو التي خرجت من تحت إبطها مشاكسة , فهو وليدها ومطلوب منه الحد من نشاط من تسول له نفسه الإيقاع بها , لأن لها دور مرسوم متى أنهته يصير شأنها شأن أي عميل إحترقت ورقته وهذا دوما ديدن العملاء , وما يتفرع أو يولد نقيضا لها , والآن هو من يلغي القاعدة ويطالب زعيمها مبايعته ( نارهم تأكل حطبهم وشرهم بينهم ).
تلك أحجية قد لا يصدقها عقل إنسان عاقل , لكن التنظيمات المتأسلمة تُنتج هكذا وحين تحمل في أحشائها مواليد قد تكون خارج القياس أما تؤد أو تترك لحين بلوغ سن الرشد وتدوير صناعتها فإن استجابت لضوابط التصنيع فلا خسارة بها , وإن زاغت فسرعان ما يقع العقاب ولو طال الزمن بعض الشيء .
هكذا هي صناعة التنظيمات المتاسلمة , ولأننا ما زلنا في طور نصف الصناعة الميكانيكية فمن الصعوبة أن ندرك صناعة الأفكار , و سنبقى أقل فهما لما يجري حولنا , ولهذا سرعان ما نبارك هذه المواليد وسرعان ما نحضّر المهد ومستلزمات الطفولة وتنهال المباركة من كل حدب وصوب للقادم الجديد , وما أكثر خطباؤنا وما أكثر منظرينا وما أكثر ساحة عرض العضلات لدينا , في الدولة المتقدمة يحصل تجمع أو تناصر من مناسبة لإخرى وفي دولنا لنا في كل يوم خمس مناسبات للحديث عما نشاء , عداك عن مناسباتنا التي لا تحصى وعداك عن الأجيال من المتخرجين من معاهد ودور وأماكن لا تعرف حتى دولنا كيف فتحت وكيف مارست عملها , الوالي لدينا يفرح لأن الناس سيقولون عنه راعي الإسلام والمسلمين . فقد ننتصر على الاعداء من خلالهم , ولكن من هم أعداؤنا ؟. نضرب ونطرح ونقسم ربما نخرج النسبة المئوية ونصل لقناعة إننا أعداء بعضنا البعض وإن من يتهمون غيرنا على خطأ .
نعم نحن من أعطينا الكثير من الأسباب كي تنمو طفيليات الطائفية والدكتاتورية بين الجلد والعظم في أجسامنا , حكامنا يأتيون زيفا ويتثبثون زيفا ويصّرون على البقاء زيفا , ولأنهم يشكون بحزبهم مثلما يشكون بأعدائهم يقربون الأخ وأبن العم والنسيب وإذا ما أرادوا التوسع أكثر تصبح العشيرة هي الحلقة المحيطة بهم ويصبح الحاكم هو شيخ عشيرة . تصور أن حاكما على مستوى رئيس وزراء أو ربما رئيس جمهورية وتنزل القائمة إلى الوزير فالمدير العام وحتى الفراش , لأن فراش الوزير هو وزير الفراشين عندنا , وهكذا دواليك , تصور أن الذي لم يبق من المناصب الحساسة إلا وحازها لحضنه مباشرة أو غير مباشرة يجد في المشيخة فرصة أخرى للتسلط .
الذين يملكون حاضنات التفريخ وتوليد الأجنة يصنعونها خصيصا لهكذا مسؤولين . بعض الأحيان تقول ويل لهم فقد التصقوا بالمنصب والتصق بهم وبعض الأحيان تندم على هكذا قول , فالحريق يشملهم ولكن ما أكثر من يحترقون بسببهم مباشرة أو غير مباشرة . قرأت مرة أن صحفيا كان بحضرة أحدهم وأثناء الإستراحة دخل صبي لا يتعدى العاشرة من العمر قدمه للمسؤول للصحفي أنه ولي العهد , وهذا المسؤول ليس ملكا كي يحضّر ولي عهده وإنما جاء بإنتخابات ديمقراطية , ربما حقه لأن نسبة مجيئة تعدت الحد المقبول دوليا , وإحتراما للنسبة هذه عليه أن يحضّر من جينته حاكما لهذا الشعب. حتى أن سياسيا يملء وجهه شاشات التلفزه ويبح صوته في وجوه المشاهدين مع رذاذ مستحلب من فمه يتحدى من لم ينتخب رئيس حزبه ويقول بلا خجل سيظل وإذا ما قدر الله موته سنحتفظ بجيناته لنستخلص لنا (مالكيا) جديدا . هذا الرجل عاش في بلد ديقراطي وجاء مع دبابة ديمقراطية وأصبح نائبا ديمقراطيا لا أعرف كيف يمكن أن تجتمع الأضداد في بوتقة واحده ؟!.
الذين صنعوا القاعدة لإيذاء عدو لهم , الآن تكويهم القاعدة بنارها فكثيرا ما يتمرد الأبن على أبيه, لانه ولد عاق , وإلا ما عرفنا مصطلح العقوق ,وعلى قدر إيذاء القاعدة للوجود الإنساني والنشأة البشرية يولد من رحمها من يكويها بناره . إنها داعش , من يدعي أنها ولدت من أجل خلافة إسلامية ويحاول تبيض وجهها بخطب وفتوى عليه أن يضرب لنا مثلا واحد من تصرفها من القران و السنة , أما أن يستنبطوا من القران ما لا يمت للقرآن ويغيروا السنة بما يستوجب الحال فإنهم الآخرون ولادة نفس الحاضنة , وإذا أرادوا رفع التهمة عنهم فيلقعوا أسنانها ما دامت لبنية , وإذا كانت بالامس تمد يدها للبعض من أجل السكوت عنهم فاليوم تحت يدها آبار نفط وهي غير مشمولة بقرارات منظمة الاوبك بتحديد سقف الإنتاج .
مقالات اخرى للكاتب