Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
شرطة الأطفال !
الاثنين, أيلول 29, 2014
محمد غازي الاخرس

تحدثت أكثر من مرة عن طرق تربيتنا الاجتماعية السيئة لأبنائنا والاعتماد على فلسفة "إرهابية" في بناء شخصياتهم، وها أنا اليوم أعود للموضوع نفسه مستغربا ضاحكا من قوة هذا النسق في ثقافتنا. أقول ذلك وأنا أرى أمامي ضحك أبنائي الكبار من اختهم الصغيرة وهم يجربون معها لعبة سمجة شاعت في اليوتيوب مؤخرا اسمها "شرطة الأطفال". لقد تخيّل مصمم اللعبة "العبقري" أن هناك شرطة مهمتها معاقبة الأطفال "الوكحين" بعقوبات لا تخطر إلا في ذهن إرهابي مريض. تدوّس على تشغيل اللعبة فيقول لك شرطي ـ ألو.. أي احنه شرطة الأطفال تفضل. ثم يسكت قليلا ويقول ـ شبيه؟ يصيح؟ وما يتغدا؟ هو شسمه؟ ترد عليه ـ علاوي، مثلا، فيجيب ـ هسه راح نجيه.. نخلي بحلكه دود وفلفل حار ونكص اذانه ولسانه ونذبه بالسجن.. جتفوه.. أنتم وين ساكنين؟ ترد عليه باسم المنطقة التي تسكن فيها، فتدوي صافرات السيارات للإيحاء للطفل أن الشرطة قادمة إليه. وهنا لا يملك صغيرنا إلا أن يصرخ متخيلا كائنات مخيفة وقاسية تفتح فمه وتملأه بالدود والفلفل الحار، ومن ثم تقطع لسانه وإذنه. كل ذلك لأنه "ما يكعد راحه" أو لا يتغدا مع أشقائه كما يفترض بالأطفال الحبابين.
نخن نعرف أن ثمة ما يسمى بـ"فلسفة الترهيب والترغيب"، وأنها قديمة قدم الإنسان وقد مارستها جميع الأديان ووظفتها الأنظمة الوضعية والقوانين المسيرة للمجتمعات. وفق هذه الفلسفة فإن العمل الجيد يستحق الثواب لصاحبه، وبعكسه، يستوجب العمل الخاطئ معاقبة مرتكبه أو حرمانه من بعض الحقوق. غير أن الأمر في مجتمعنا المجبول على التخويف مختلف كثيرا، ذلك أن كفة الترهيب ترجح عادة على الترغيب، بل ربما يختفي الترغيب نهائيا عند الكثيرين أمام سيادة منطق الترهيب فقط، خصوصا مع الأطفال المساكين. علما أن هؤلاء لا يملكون المعيار نفسه الذي يملكه الكبار لتمييز الخطأ عن الصواب؛ ما نظنه نحن خطأ لا يعد كذلك بالنسبة لـ "الجاهل" كما نسميه. والتسمية الأخيرة تعكس نظرتنا الغريبة عنه، فهو "جاهل" لا يعرف أي شيء ويجب علينا إجباره على معرفة الأشياء الصحيحة وليس إقناعه بها بـ"العيني وأغاتي" أو بالوعود المعسولة كـ"اتغدا وأشتريلك لعابه" أو "أسكت وأوديك باجر للمراجيح".
تجدنا نداريه للحظات فإن أصر على رأيه وموقفه زعقنا به وأجبرناه بالصفع والدمغات ثم هددناه بأعداء غامضين يمكن أن يأتوا ويصرطوه صرطا كالواوي والسعلوه والكرطه والشرطي وغير ذلك مما يتفتق عنه ذهننا "الواعي" بالأشياء. لذا تكثر لدينا عبارات مثل: أسكت لا أصيح عليك الحرامي يبوكك، أو: أسكت لا يجيك الواوي من الهيمه، أو: تره تطلع لك السعلوه من جوه القنفه، شوف باوع.. هناااااك السعلوه خالته. هنا يبدأ خيال الطفل الخصب في ترسم شكل غامض يبحلق به أو يتسمع خطوات غريبة قادمة نحوه، فيصرخ صراخا رهيبا حتى أنه يزعجنا فنتراجع عن المشهد الذي صورناه له ونقول بتوسل ـ أجذب عليك لا تخاف.. ميخالف ميخالف، لا تاكل!
ترهيب الأطفال له آثار سيكولوجية مريعة بالتأكيد وهي يمكن أن ترافقنا حتى الكبر وغالبا ما تتجسد بطرق لا نستطيع التحكم بها كونها تنتقل من عقلنا الواعي إلى عقلنا اللاواعي، أو من سطح مخاوفنا إلى الطبقات التحتية فينا.
شرطة الأطفال هي المرادف الحديث لتلك الطرق الإرهابية لتخويف أبنائنا، ولن أنسى هنا أن منفذ اللعبة الغريبة هذه اختار صوتا غير وديٍّ بالمرة، صوت رجولي قاس ومن النوع الذي لا يمكن التفاهم معه: هسه راح نجيه.. نخلي بحلكه دود وفلفل حار ونكص اذانه ولسانه ونذبه بالسجن.. جتفوه.. أنتم وين ساكنين؟
ـ ساكنين في بلاد الرعب يا شرطة الأطفال.



مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.40514
Total : 101