تزايدت أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر ودوره في عملية التنمية الاقتصادية في جميع البلاد النامية لما يتمتع به من مزايا واضحة، إذ إنه غير خاضع لمديونية وغير خاضع لشروط المصادر الأخرى وغير ذي صفة سياسية. أما بالنسبة للاقتصاد العراقي فإن أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر تنبع مما يقدمه هذا النوع من الاستثمار من مزايا كاستقدام رؤوس الأموال والخبرات الفنية وتشغيل اليد العاملة،اذ أن الاقتصاد العراقي يحتاج لهذه المزايا بسبب كون أغلب مؤسسات العراق الاقتصادية الإنتاجية منها والخدمية تعاني من التخلف وانخفاض الإنتاجية وارتفاع التكاليف، وإنه من الصعب معالجة هذه المشاكل بالاعتماد على إمكانات البلد الذاتية وحدها ومن هنا تظهر الحاجة إلى الاستثمارات الأجنبية لإصلاح بعض هذه المؤسسات وتحديثها وإنشاء مؤسسات جديدة تعتمد التكنولوجيا المتطورة في الإدارة والانتاج.
ويوفر الاستثمار الأجنبي للاقتصاد العراقي مصادر التمويل والتكنولوجيا الحديثة إضافة إلى توفيره لفرص لتشغيل الأيدي العاملة العراقية، ويوفر أيضا موارد للدولة من جراء بيع أصول المؤسسات ومن الضرائب والأرباح التي تدفعها هذه الشركات إضافة إلى ما يوفره من سلع وخدمات بمواصفات عالية الجودة في السوق، علاوة على ذلك أن الاستثمار الأجنبي وسيلة مهمة لتحقيق التنمية الاقتصادية السريعة، كما أثبتت ذلك التجارب في كثير من دول العالم.
وتزداد أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر بالنسبة للاقتصاد العراقي، بسبب الظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق، وتتمثل حاجة العراق للاستثمار الأجنبي المباشر في:
1-تحفيز الاستثمار المحلي: حيث أن الاستثمار الأجنبي المباشر يحفز الاستثمار المحلي بنسبة 80%، أما القروض فإنها تسهم في تحفيز الاستثمار المحلي بنسبة 40% فقط.
2- زيادة معدلات النمو الاقتصادي: يسهم الاستثمار الأجنبي في النمو الاقتصادي من طريقين: الأول ينشئ رصيدا إضافيا من رأس المال للدول المضيفة، ويضاف إلى مدخرات هذه الدولة أو احتياطي النقد الأجنبي، والثاني يقدم المعرفة التقنية المطلوبة للاستكمال الناجح للمشروع الاستثماري وبالتالي يزيد من القدرة الاستيعابية للدولة المضيفة.
3- نقل مستويات التكنولوجيا المتقدمة والخبرات الفنية إلى البلد المضيف، حيث يعتبر الاستثمار الأجنبي من أفضل الوسائل لنقل التكنولوجيا الإنتاجية والمهارات الإدارية.
إضافة إلى العديد من الفوائد الأخرى مثل توفير السلع والخدمات للسوق المحلية وتوظيف العمالة المحلية واستثمار الموارد البشرية غير الموظفة وتحسين ميزان المدفوعات من خلال زيادة الإنتاج وزيادة الدخل القومي.
ونود أن نوضح إن للدول المضيفة للاستثمارات الأجنبية أجهزة حكومية تنحصر مهمتها الأساسية في تخطيط وتنظيم وتوجيه تلك الاستثمارات وترويج المشروعات المتاحة للاستثمار والتعريف بالسوق في داخل البلاد وخارجها، إضافة إلى ذلك فإنها تقوم باختيار مستوى ونوع التقنية التي تتفق مع متطلبات التنمية والمتغيرات الثقافية والاجتماعية بالدولة، وهذه الأجهزة في العراق تتمثل في الهيئة الوطنية للاستثمار.
شُكلت هذه الهيئة بموجب قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006، وأُنيطت بها مسؤولية رسم السياسات الوطنية للاستثمار، وتتمتع هذه الهيئة بشخصية معنوية، وتقوم هذه الهيئة برسم السياسات الوطنية للاستثمار وإعداد خارطة بمشاريع الاستثمار في العراق على ضوء المعلومات التي تحصل عليها من هيئات الاستثمار في الأقاليم والمحافظات، ووفق ما جاء في القانون فالهيئة لا تقوم بمنح الإجازات فقط، وإنما تقع عليها واجبات عديدة منها تعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية، وتوفير فرص استثمارية، وتبسيط إجراءات التسجيل، ومتابعة المشاريع ومساعدتها من خلال التنسيق مع دوائر الدولة في المسائل التي تحتاج إلى موافقات إدارية من الدوائر المختصة بمنح إجازات الاستثمار، وفتح فروع في المناطق الخاضعة لها، ولا سيما في المحافظات، حيث تقوم الهيئة باستحصال موافقة مجلس الوزراء في حالة ما إذا كانت قيمة المشروع الاستثماري أكثر من (250) مليون دولار أمريكي.
ولتسهيل الاستثمار في العراق دعا قانون الاستثمار إلى إنشاء دائرة النافذة الواحدة، حيث تتولى جهة واحدة كافة الإجراءات المتعلقة بالمستثمرين الذين يسعون لجلب أعمالهم إلى العراق.
مما تم ذكره أعلاه يتبين أن الاستثمار الأجنبي المباشر أذا ما تم توجيهه بالطريقة الصحيحة فأنه كفيل بان ينهض بالاقتصاد العراقي وينتشله من أزمته المالية الراهنة
مقالات اخرى للكاتب