سيعالج صاحب الاسطر الإعتداء السعودي على اليمن بنفس المنطق والتحليل الذي عالج به الاحتلال التركي لسورية والعراق في مقاله السابق بعنوان " الإحتلال التركي لسورية والعراق "، بتاريخ الجمعة 12 محرم 1438، الموافق لـ 14 أكتوبر 2016 .
الجزائري بطبعه ذاق مرارة الاحتلال ومهانة الاستدمار، ويظل لا يرضاها لإخوته في السعودية و إخوته في اليمن، أو غيرها من البقاع المترامية .
كما نحترم إختيارات السعودية في الحكم والدين والسياسة ولا يحق لأحد أن يتدخل فيها باعتبارها شأن داخلي يخص أهل الدار، نحترم في نفس الوقت إختيارات اليمن في الحكم والدين والسياسة ولا يحق لأحد أن يتدخل فيها باعتبارها شأن داخلي يخص أهل الدار .
وكما لا نقبل أن تمس إختيارات السعودية لا نقبل أن تمس إختيارات اليمن، بغض النظر عن رفضنا أو قبولنا لاختيارات الطرفين.
واليمن المعني في هذه الأسطر، هو اليمن الذي نعرفه منذ الصغر، علماء مميّزون، وفقهاء مجتهدون، وحفظة لكتاب الله وسنة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفصاحة لسان، وحسن بيان، وأصل العرب، وأهل الجود والكرم، وحضارة ضاربة في العمق تمتد لسد مأرب، ومثال زاهر للحكم الراشد يعود للملكة بلقيس.
هذه هي اليمن التي تربى الطفل على حبها وما زال، وهذه هي اليمن التي يظل المرء يدافع عنها ويوصي جيرانها بالإحسان إليها، والرفق بها. ويبقى المرء يحب إخوانه في السعودية ويوصي جيرانها بالإحسان إليها، والرفق بها.
لاتعنينا الأنظمة السياسية في شيء، فتلك أنظمة تتلون وتتغير وقد تزال وتندثر، ولا يمكن للمرء المتتبع أن يقف إلى جانب نظام سياسي، فالنظام له سفير ووزير يدافع عنه ويموت دونه، سواء تعلق الأمر بالمملكة السعودية أو اليمن .
إن إنتهاك حرمة مكة جريمة لا تغتفر من أيّ كان، وانتهاك حرمة العزاء والموتى جريمة لا تغتفر.
وقفنا ضد أبرهة الحبشي لأنه الغازي المحتل، ووقفنا مع عبد المطلب وسكان مكة لأنهم كانوا يدافعون عن عرضهم وأرضهم بصدور عارية وقلوب تخفق للسماء، وأيادي تدعو رب البيت أن يحمي بيته.
أما اليوم فلن نقف مع سكان مكة لأنهم إعتدوا على جيرانهم اليمنيين الفقراء ، وسنقف معهم لو أن اليمنيين إعتدوا على السعودية.
الحجاج الثقفي أهان مكة حين رجمها بالمنجنيق، ويزيد أهان مكة حين حاصرها، وكلاهما أجرم في حق مكة، رغم أن كلاهما كان يزعم بأنه يدافع عن مكة.
واليوم أقرأ صيحات تحذير من شيوخ سعوديين حول محاولة اليمن ضرب الكعبة ، وعليه نقول.. لمكة هيبة ومكانة لا يحق لأيّ كان أن يمسّها بسوء ، سواء إنتهك حرمتها من لا يؤمن بحرمة مكة، أو عربي كالسعودي أو اليمني يؤمن بحرمتها ومكانتها.
ولا يمكن إستغلال الشعائر الدينية والمقدسات الإسلامية في صراع سياسي من أجل الهيمنة والنفوذ بين السعودية واليمن .
وكما أن محاولة - مجرد محاولة - ضرب الكعبة جريمة لا تغتفر من السابق أو الحالي أو اللاحق، كذلك قصف المستشفيات في اليمن، ومدارس الأطفال، وسكنات الآمنين، وآبار المياه، والحقول الزراعية، ومواكب العزاء، والحيوانات، ومخازن الغذاء.. كلها جرائم لا تغتفر ولا تقل جرما عن محاولة ضرب الكعبة.
وما دام الأمر وصل لهذه الدرجة من الحقد ، والكراهية، والتفنن في إبادة الآخر، نتوجه بقلوب صادقة جريحة لإخواننا وأحبتنا وأشقائنا في المملكة السعودية واليمن معا، ونقول لهم جميعا..
أبعدوا الحجر الأسود عن الصراع الأسود .
مقالات اخرى للكاتب