في لغتنا العربية، ثمة مادة اسمها النحت، وهي محاولة جميلة وبلاغية لاختصار كثير من المفردات في مفردة واحدة. فنقول البسملة عوضاً عن (بسم الله الرحمن الرحيم) والحوقلة عوضاً عن (لا حولة ولا قوة الا بالله) وبذلك تكون اللغة قد أدّت عبر النحت اللغوي انجازاً جمالياً في الدرجة الاولى وانجازاً اعتبارياً قادراً على ديمومتها وقدرتها على التخلق والابتكار.ولا يقف الامر عند هذا الحد فنحن الآن نسمي المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة باليونسكو وهي الحروف الاولى لتسميتها باللغة الانكليزية وكذلك نستخدم مفردة الاليكسو اختصاراً لاسم المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة وغيرها من المنظمات الاقتصادية والسياسية والعلمية مثل منظمة اوبك وأوابك والفاو وسواها من المنظمات العالمية، ثم ان هناك حركات سياسية صارت تختصر اسماءها منطلقة من الحروف الاولى فحركة المقاومة الاسلامية (حماس) صارت تعرف سياسياً واعلامياً وليس فلسطينياً فحسب على انها حركة حماس جمعاً لحروف الحاء والميم والالف والسين من حركة المقاومة الاسلامية، وأول من يستخدم الاسم المنحوت هم ممثلو الحركة نفسها قبل شيوعها في وسائل الاعلام، الا حركة داعش الارهابية التي جاء اسمها المنحوت من دولة العراق والشام الاسلامية مختصراً لاسمها فالمنتمون لهذه الحركة يرفضون تسميتهم داعش لأنهم يرون ان هذا النحت لا يليق بهم، في حين ان العالم باجمعه يرى انه لصيق بهم ومعبّر افعالهم البغيضة أشد تعبير، بل وكأنه نُحت من اجلهم ومن اجل أفكارهم وتوجهاتهم فهم داعشيون بحق والفعل دعش قريب في المعاجم والقواميس من الفعل دعس، فقلد دعسوا ودعشوا التاريخ والحضارة والمدن والعمران والآثار والبشر.وأن تنحت في اللغة خير من أن لا تنحت فعسى في النحت تنقلب الموازين والمعاني والمسميات، فلا يعيب منظمة اليونسكو ان يكون اسمها اليونسكو وهي المنظمة الدولية المعنية بالعلوم والآداب والثقافة والتربية والتعليم، بل ان ذلك يعطيها امتيازاً جديداً، باللغات كلها، اذ ان الناطقين بأية لغة كانت يعرفون اليونسكو ومهماتها والامر ذاته بالنسبة الى المنظمات الاخرى، ولكن أبناء داعش يتهربون من اسمهم المنحوت هذا، الذي جاء مفصّلاً عليهم وكأن صانعه أراد به أن يدمغهم ويدمغ من خلالخ أفعالهم المشينة.