قد تضغط علينا دماء العراقيين الطاهرة من أجل الحفاظ على سياق لغوي مقبول على الأقل ، دون تجريح وتقريع وشتم عند الأشارة لقيادتنا السياسية والأمنية التي ما فتأت تسترخص تلك الدماء البريئة ، وبعدم مبالاة عجيبة واصرار على الأستهزاء بها وبكل من يقدم النصيحة مخلصا من أجل مخرج أو بارقة أمل تحجّم من تلك الخسائر التي لا يمكن تعويضها بكنوز الدنيا مقابل قطرة زكية من دماء أهلنا الصابرين .. متحججة كما هو شأنها دائما بالتسقيط السياسي أو العمل على اسقاط الحكومة ، تلك الحكومة التي ابتلينا بها بلوة أو مصيبة لم يسمع العراقيون بأنها مرّت على السابقون أو ستمر على اللاحقون .
 
وهنا نريد أن نعطي نصيحة للقائد العام للقوات المسلحة ، ولوجه الله .. أملين منه أن يبتعد عن حسابات الجنبر في قيادته لقواتنا المسلحة ، والتي تعتمد على الحساب اليومي الآني وبضيق أفق مشهود .. وتتلخص في مقولة طلّع عيشتك هذا اليوم وباجر الله يدبرها .. لأنه وحسب هذه السياسة لن يستطيع أن يبني جيشا محترفا ولو بعد دهر .
 
كلنا نعلم أن معظم جيوش العالم تمنح الأمتيازات الكبيرة والعطايا الخاصة بسبب أن أرواح منتسبيها هي ليست ملكهم ، وممكن أن يذبحوا في أي وقت عند ساعة المحشر أو عندما يشتد لظاها ويطغي صوت الدان على أصوات السلام .. وتلك لعمري اعتبارات في دعم الجيوش لا يختلف عليها اثنان .
 
من ناحية أخرى فان الضبط العسكري أساس متين في اعداد جيوش يحسب حسابها في تلك الأيام القاحلة .. ومفتاح الضبط العسكري هو أن يخاف المنتسب ( الجندي أو النائب ضابط ) من الضابط أكثر من خوفه للموت .. وإلا كيف سيأمر الضابط منتسبيه بالتوجه الى القتال الذي قد يفضي الى الموت المحتم ، بشجاعة وقناعة مطلقة دون أن يهابوا آمرهم أكثر من مهابتهم للموت ، .. مع الأخذ بنظر الأعتبار البناء ( الوطني ) النفسي الذي يتحمل وزره كل ضابط من أجل أن يوظفه مقرونا بذلك الخوف لأنتصارات أكيدة . 
 
الآن نجد أن الجيش يعمل عمل الشرطة في المدن .. والضابط ومعه جنوده يجلسون في سيطرة واحدة أو عجلة واحدة .. يأكلون ويشربون سوية و ( يقفّصون ) سوية ، ويرتشون سوية ، ويهينون المواطنين سوية ، وفي نهاية اليوم يتقاسمون المقسوم سوية .. تلك والله سياسة لن تبني جيشا ولو صرفت عليه نصف اموال العراق .
 
اسحب جيشك يا سيادة القائد العام الى خارج المدن وادخله المعسكرات ، وليكن ديدنه التدريب ولا شيء غير التدريب واعطي للضابط مكانته الحقيقية وشخصيته المؤثرة في بناء قوات مسلحة تضاهي على الأقل ما موجود في دول الجوار .. وجيش العراق صاحب مدرسة عريقة في الأعداد والضبط والشجاعة .. ولا يمنع أن تحرر قطعة عسكرية أو قطعتين من أجل الواجبات الكبيرة التي لا يمكن لأجهزة الداخلية الأمنية من معالجتها منفردة .
 
على اننا نحثك ونوصيك ان كنت تقبل النصيحة ونشك في ذلك .. ان تعيد النظر بأصحاب الرتب الكبيرة من أبناء العراق ( الدمج ) الذين جعلوا من جيشنا الباسل وقواتك الأمنية اضحوكة ومسخرة تحزن القلوب عند مقارنة جيشنا الحالي بجيوش المعمورة .. وهل يكفيك برهانا أن قواتك المسلحة الآن ومعها أجهزة الداخلية لم تستطع أن توقف عمل ارهابي جبان واحد ، لكي تحافظ على بعض من دماء أهل العراق .. ثم نسألك هل أكتفيت من مشورة الفيلد مارشال سعدون الدليمي والأدميرال علي غيدان والفوهرر عبود كنبر التي جعلتك أسوأ قائد عام في التاريخ .. وجعلت من مدننا كلها أرض حرام لعمليات الأرهابيين الدموية .. أم ان مكابرتك وفق سياسات الجنبر التي ذكرناها في اعلاه ما زال لها مكان في صدرك وفي ضميرك ؟