فرص ذهبية تاتي للانسان على مستوى حياته الشخصية ربما لاتتكرر لتبقى مرهونة بمدى قدرته على الاستفادة منها او استثمارها فهي ستغير تلك الحياة وتكون نقطة تحول وتغيير لمسار المستقبل فان احسن التعامل معها فستكون النتيجة نجاحات متتالية وان اخفق او تهاون او ضيعها فلن ينفعه العتاب او الشكوى او التظلم فيما بعد وربما تبقى حياته مرهونه بتلك اللحظة اخفاقات متتالية واحباط وانهزام وتراجع ولن يكون المجتمع افضل حال من الفرد فالامر ينسحب على المجتمعات والدول والكيانات والطوائف فهناك لحظات مفصلية في حياة وتاريخ تلك الامم بقت اسيرة لها اجيال واجيال متعاقبه ويكفينا القضية الفلسطينية فهي شاهد حي على مأسي الامم وعدم الاستفادة من الفرص او التعامل بجدية مع التحديات والنتيجة ارض محتلة وشعب مشرد وحقوق مسلوبه وهوان ما بعده هوان وذل ما بعده ذل لم يقتصر على الشعب الفلسطيني بل تعداه الى العرب والى المسلمين وكذلك الانسانية .....هنا يمكن ان نرى حال مدينة مثل ديالى ذات الاغلبية الشيعية وصاحبة الملفات المتراجعة والمعقدة محافظة بقت لعقد من الزمن وطوال تجربة العراق الجديد مرهونه بيد الاقلية او مغتصبة يعيش هؤلاء الاغلبية اوضاع مأساوية هجروا وقتلوا وغيبوا بسبب وبدون سبب كانت تحاصر مدن ومناطق بكاملها ولاسابيع من قبل الجماعات الارهابية والتكفيرية دون ان تحرك الحكومة المحلية او المركزية ساكن بل ان اصابع الاتهام تشير الى الحكومة المحلية بالاتهام والتواطؤ مع تلك العصابات والتغطية عليها ولا اوضح من قضية المجرم (الهارب الدايني او المحافظ السابق) والذي اعيد بشكل عجيب وغريب في محاولة لاعادة التغييب وابقاء ديالى في دائرة النسيان والاهمال وبعيدا عن التاثير ......اوضاع ديالى السابقة ومعاناتها حتمت على الاغلبية التوحد وخوض الانتخابات المحلية على انها قضية مصير ومسالة وجود اكون او لا اكون فكان (تحالف ديالى الوطني )ليضم جميع القوى الشيعية في قائمة موحدة وبعد فرز النتائج جاءت الحقيقة واضحة وكسب الاغلبية الرهان بان حصلوا على 12 مقعد في المركز الاول من بين القوائم المتنافسة وهنا هي الفرصة الذهبية فرصة حلم بها الجميع حلم تحقق وكان من الممكن ان تجعل هذه القوى من ديالى مثالا يحتذى ونقطة قوة توحدهم في باقي المحافظات خاصة وهم يتقاسمون نفس الجمهور ويعيشون نفس الهموم ويواجهون نفس التحديات وكلهم ينتمون الى نفس المكون السياسي والديني فكل الاحزاب والتيارات تدعي انها شيعية وموالية لال البيت (عليهم السلام )وكلهم منتمون للتحالف الوطني في البرلمان قوى دولة القانون(حزب الدعوة والفضيلة وبدر وتيار الاصلاح ......) او التيار الصدري او المجلس الاعلى .......الغريب في الامر ان كل هذه التحديات وكل هذا القتل والتفجيرات لم تقف امام المصالح الفئوية فكانت النتيجة ان تذهب ديالى وتبقى في نفس الدائرة المغلقة فالاغلبية غير قادرة على تخليص نفسها او ايجاد حل لمشاكلها والارهاب يضرب كل يوم ويستبيح مناطق وقرى المحافظة بل باتت ديالى بمثابة الملاذ الامن لعصابات القاعدة والتكفير ونقطة انطلاق لتهديد المحافظات الاخرى ....ما المشكلة ومن السبب في كل هذا ؟؟؟هل هي القواعد الشعبية ؟؟وهي التي اعطت وقدمت التضحيات ولازالت وخرجت تثبت وجودها في صناديق الاقتراع فكانت النتيجة الواقعية والصادمة لكل التوقعات وقلبت الموازين على الارض لتاسيس واقع جديد واحقاق الحق ....ام ان السبب هو التنافس او الصراع والتخوين بين الاخوة ؟؟؟؟لن ينفع دولة القانون اللعب على وتيرة التسقيط التي عمدت على افتعالها او المساومة بمستقبل وحياة ابناء ديالى فمصادر دولة القانون تؤكد ان النية والعمل كان بمساومة العراقية (قوى العراقية ) باخذ ديالى وترك محافظة بغداد من نصيب دولة القانون وهنا الكارثة فعدم الالتزام بالتحالف والغاء كل العهود وضربها عرض الحائط (وهو ديدن المالكي ودولة القانون مؤخرا )والعمل بشكل منفرد وسري ربما اثار حفيظة التيار الصدري وفعل نفس الشيء مع نفس الاطراف فجاءت تشكيلة الحكومة في ديالى خارج النص وبعيدة عن الواقع ومخيبة للامال ....فلن ينفع التيار الصدري التحجج بهذا الاسلوب ايضا ان ما في ديالى بمثابة انتكاسة للديمقراطية واهدار للحقوق مهما كان العذر ومهما كانت الغاية ومهما ذكر من سبب وتعليل فانه لن يكون مقنعا لنفس العاملين ناهيك عن القواعد الشعبية يضاف الى ذلك هنالك شريك اخر في المعادلة في ديالى وهو المكون الكردي فانت وان اردت ان تهمش نفسك وقومك (ولا يحق لك ذلك باي وجه كان ) فلايحق لك ان تهمش مكون اخر وكبير اسمه الاكراد ....من هنا جاءت تحركات قوى اتحالف ديالى الوطني الاخرى باعادة النظر في هذه النكبة ومها قلنا فانها تضييع للفرص وقلب للواقع وتفريط بالحقوق فكانت تحركات المجلس الاعلى المحورية وبيانه الرافض لهذا الاسلوب والطريقة في التعامل مع مصير الشعوب ومستقبل الامم وواقع المحافظة فكانت تظاهرات واعتصامات وضغط شعبي للرجوع عن قرار تشكيل حكومة ديالى المحلية بهذه الطريقة الاختزالية والمريبة وتزامنت مع تظاهرات الكون الكردي والذي يعاني من هذا الوضع المربك ولا يريد تكرار تجربة الموصل وحكومته المحلية السابقة وهنا كانت المطالب بكل وضوح هو الرجوع للاستحقاق الانتخابي وعدم التسويف والمجاملة او قلب الحقائق والوقائع فاستحقاق الشيعة في ديالى هو منصب المحافظ واي شيء اقل من هذا هو اخلال بالعدالة وانقلاب على نتائج الانتخابات وخيارات المواطن وطموحات ابناء ديالى ومن يريد ان يهب شيء فاليهب ويعطي مما يملك ...وننتظر بان تكون الايام القادمة كفيلة بان يستفيد التحالف الوطني من التجارب وان يعي مسؤوليته الحقيقية الشرعية والسياسية والقيادية وان يبتعد عن التعامل بازدواجية وبلامبالاة مع مصير ابناء المحافظات فما حدث في تشكيل المحافظات ينبأ عن نفس شخصي ومنطق الانا الضيق وهو ما سيضيع الحقوق واهدار الفرصة الذهبية التي اقتنصها ابناء الشعب العراقي بدماءهم وتضحياتهم وصبرهم وتحملهم الامرين طوال عقود من الظلم والتهميش و الأقصاء والالغاء والتقتيل والتهجير فان ضاعت فلن ينفع الندم ولن ينفع العتاب وقوفوهم انهم مسئولون ..
مقالات اخرى للكاتب