لا تستغربوا العنوان لطفا، إنه أحد الذين التقيتهم لليومين الماضين، هو شاب بعمر الورود، لبناني الجنسية، وعلى الرغم من قلق والديه عليه، إلا أن حماسة الشباب التي تعرفونها دفعته إلى الحضور إلى بغداد، من أجل المشاركة، في فعالية تنافسية بين شباب عراقي، الشاب اسمه عبد الله، ولقبه (عبسي)، وهو متخصص في علوم الحاسوب، ولديه موقع الكتروني، اسمه (ذو مال).

عبسي وصل في دراسته في الجامعة الاميركية في بيروت إلى المرحلة الأخيرة من الدراسة، لكنه شعر أن الجامعة أصبحت تحت طموحاته، فهو يعرف في علوم الحاسوب أكثر مما يمكن أن تتيحه الجامعة، لذا تركها وهو الآن متفرغ لموقعه الألكتروني الذي يديره. المشروع والموقع الألكتروني اسمه (ذو مال) لكنه اختار له اسما مميزا وجريئا (زمال)، إذ ابدل حرف (th) إلى (z)..

موقع (زمال) مختص في توفير دعم مالي لمشاريع ريادية خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وكما تعرفون فإن الأنظار تتجه الآن إلى العراق، على اعتبار أن البلد فيه الكثير من الفرص، كما فيه الكثير من المواهب غير المكتشفة، لذا فان حدس عبسي ومغامرته جاءت به إلى بغداد، ليبحث عن مشاريع يمكن تنفيذها، خاصة أن لديه؛ كما يبدو، بعض الممولين الذين يدعمون موقعه ومشروعه ولديهم رغبة في اكتشاف مشاريع ريادية في العراق، خاصة من قبل المستثمرين المغتربين العراقيين.

عبسي يفكر بطريقة نعجز عن بلوغها، هي لب وجوهر النظام الرأسمالي الباحث عن فرص الربح، أينما وجدت، ضاربا بعرض الحائط كل كلاسيكيات الجامعات العربية، حتى ولو كانت (الأميركية).. وهو عرف أنه يمكن أن يعمل (بزنزه) الخاص، ويتقدم فيه، فالمجازفة أوالمخاطرة من أهم عناصر قوة هذا النظام، والبحث عن الفرص النادرة من خلال الرياديين هي الطريق إلى الوصول إلى تلك المشاريع الفريدة التي يمكن أن نجني منها المزيد من الأرباح. أما فرصة الدراسة فهي لم تعد مهمة، لأن منطقها بات معروفا لديه، بل إنه صار يعرف أنه أصبح أكبر منها، وأمسى يعطيها أكثر مما يمكن أن تمنحه.

عبسي وموقع (ذو مال) الذي اختار له اسما جاذبا، استخدم من خلاله فن التسويق بأكبر صوره احترافية وجريئة، هو اسم جلب له شهرة محلية واقليمية، أتاحت له أن يبدأ في سوق العمل بشكل سليم ويتقدم فيه رويدا، وهو فن لا يمكن أن نجده في الكثير من الكتب المدرسية التي نقرأها ونخرج منها الطلبة من جامعاتنا.

عبسي، ليس (زمال) أحبتي، إنه المعي، ويمكن أن يتعلم منه الكثير من (....).