هي لم تكن تجارة محمولة لها حدودٌ مادية ، كتجارة المخدّرات أو الأسلحة أو تجارة الأعضاء البشرية ، أو أي تجارة مادية ممنوعة أخرى ،هي أخطرمن ذلك كلّهِ ، لأنَّ تلك التجارات الممنوعة تستطيع الأجهزة الأمنية والرقابية السيطرةعليها الى حد ما ،إلاّ إنَّ تجارة الدين بما إنها ليست معبئة في صناديق وليست محمولة على الأكتاف ولاترى بالعين المجرّدة ! بل هي أفكارٌ معبئة في عقولٍ صدئة ، لذلك هي الأسوأ والأخطر بين الممنوعات التي تُسَوَّق للشعوب ،الأسوأ كونها تزيف الحقائق وتتلاعب في الآيات والأحاديث السماوية وتتاجر بقيم الأنبياء والرسل...وفي مقارنة يجريها الشيخ محمد جواد مغنية رحمه الله بين رجل الدين المتاجر بدينه وبائعة الهوى(المومس) في كتابه (الشيعة والحاكمون) يقول مغنيه أن رجل الدين المتاجر بالدين هو أكثر وضاعة وخسة من المومس ! لأن المومس تتاجر بمجرى البول وهو يتاجر بمباديء السماء ! المومس تظهر عارية للمجتمع وهو يختفي خلف زيٍّ العبّاد والناسكين ! وأمور أخرى لانحتاج لذكرها ،أما الأخطر ...كونها تجدُ طريقها في أوساط البسطاء والجهلة وتنتشر فيهم كالنار في الهشيم ، وهؤلاء للأسف سلاح ذو حدين ، فهم الغالبية التي يتشكّل منها المجتمع...وعندما يسهل إستغلالهم بهذه الطرق الملتوية وبهذا الوهم الذي يلفّه الدجل،فتلك هي الكارثة الكبرى التي تفتك بالشعوب ،وما نشهده اليوم ويشهده العالم من أعمالٍ إجرامية ، هي صناعة دينية متطرفة ، أبطالها المتاجرين بمباديء السماء ، وأدواتها هم أولئك المغفلين الذين سقطوا في فتنة أولئك التجار ،وضحاياهم المجتمع والسلم العالمي ،خطر هذه التجارة آخذٌ بالتفاقم والتضخّم خصوصا بعد أن أصبح لها أذرعا سياسيةً تمكّنت من الوصول الى مصادر القرار في بعض الدول وأصبحت على رأس السلطة ، وبدأت تتلاعب بمقدرات الشعوب ، رافعةً لواء الحكم بأسم الله !!!الحظر على هذه التجارة الخطرة ليس بالعملية السهلة ، لأنهم زرعوا مفاهيمهم في عقول ضحاياهم فجعلوا منهم جدارا واقيا ضد الأعتدال وضد دعوات الوعي والتعايش السلمي !ولكن هناك عدة خيارات لمقاومة هذه التجارة ...اولا أن تتوحّدَ الأصوات الدينية والسياسية المعتدلة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والرقابية لدريء هذا الخطر الذي يُحيق بالعالم ومتابعة أربابه....ثانيا الحملات الأعلامية التي تفضح ممارسة هذه التجارة الممنوعة وبشتى الطرق...ثالثا وهو الأهم وعي الشعوب كما هو اليوم الشعب المصري الذي يقف في ميدان التحرير يرفع اللافتات والشعارات التي تفضح ممارسات أصحاب هذه التجارة البخسة ويؤكد أن لامكان لمن يتاجر بمباديء السماء.نتمنى للشعب المصري التوفيق ونجاحهم في طرد السرّاق والدجالين.وان تكون سنّةً حسنةّ في كل البلدان العربية تمارسها الشعوب لتصحيح أخطاءها وسوء إختيارها.
مقالات اخرى للكاتب