بغداد – لا تترك بغداد ولا أربيل شاردة أو واردة بينهما إلا وتخضعه لحسابات الصراع السياسي بينهما وإن كان على حساب الوطن والمواطن العراقي. فقد رفضت الحكومة المركزية في بغداد ما أعلنته وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين في حكومة إقليم كردستان عن عقد مؤتمر للتعريف بجرائم النظام السابق ضد الكرد في جنيف، معتبرة أن ذلك من شأنه أن يمس وحدة العراق.
وقالت وزارة حقوق الإنسان في بغداد في بيان لها اليوم الأربعاء إن "وزارة الشهداء والمؤنفلين خرجت علينا بتصريح على الموقع الرسمي لحكومة إقليم كردستان مفاده أنها ستعقد مؤتمرا ثانيا للتعريف بجرائم الإبادة الجماعية التي نفذها النظام البائد ضد الكرد"فقط" في مدينة جنيف السويسرية خلال شهر أيلول المقبل"، مبدية وبشدة استغرابها من "تصريحات كهذه غير مسؤولة تبخس وتسرق جهود الآخرين وتمس وحدة العراق وقراره".
وهددت الوزارة بـ "إعادة النظر في علاقتها مع وزارة الشهداء والمؤنفلين في الإقليم في ما يتعلق بملفات العمل المشترك كافة في حال تكررت مثل هذه التصريحات".وأضافت الوزارة أنها "كلفت بشكل رسمي في قرارات كثيرة لمجلس الوزراء مهمة تعريف المجتمع الدولي بجرائم النظام المباد بحق كل الشعب العراقي ومكوناته ودون تمييز"، مبينة أن "ذلك يتم بالتنسيق مع عدد من الوزارات والجهات ذات العلاقة". وأوضحت الوزارة أن "تعريف العالم بجرائم النظام السابق تتم برئاستنا ووزارتي الخارجية والعدل ومؤسستي الشهداء والسجناء السياسيين وهيئة المساءلة والعدالة واللجان البرلمانية المختصة، بالإضافة إلى وزارة الشهداء والمؤنفلين في إقليم كردستان العراق وبعض المنظمات غير الحكومية".
ولفتت الوزارة إلى أنها "عقدت وبنجاح المؤتمر الأول في لندن في بداية العام الحالي"، موضحة أنها "ستعقد أيضا المؤتمر الثاني في المقر الأوروبي للأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية في الفترة من 19 إلى 21 أيلول المقبل، أثناء انعقاد الدورة الاعتيادية الحادية والعشرين لمجلس حقوق الإنسان". وشددت الوزارة على أنها "ستستغل في هذه المناسبة الحشد الدولي الرفيع المستوى لتعريف المجتمع الدولي بجرائم النظام السابق ضد الشعب العراقي، وخصوصا المقابر الجماعية والإعدامات خارج إطار المحاكمات العادلة والقانونية واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا ضد المدنيين".
وكان المتحدث باسم وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين في إقليم كردستان فؤاد عثمان أعلن أن الوزارة ستعقد مؤتمرا ثانيا للتعريف بالإبادة الجماعية التي نفذها النظام البائد أواخر ثمانينات القرن الماضي بحق الأكراد، في مدينة جنيف السويسرية خلال الشهر المقبل.
من جانبه أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة حقوق الإنسان في العراق كامل أمين هاشم أن "ما صدر عن وزارة الشهداء في كردستان أمر ينافي الحقيقة تماما وينطوي على تشويه للحقيقة يبدو متعمدا"، مشيرا إلى أن "المؤتمر المذكور الذي سيعقد في جنيف يقام من قبل الحكومة المركزية التي كلفت وزارة حقوق الإنسان بذلك"، معتبرا أن "محاولة اعتبار جرائم النظام السابق بحق الكرد وحدها (إبادة جماعية) يجافي الحقيقة". وأوضح هاشم: "إننا نعتبر كل جرائم النظام السابق هي إبادة جماعية بحق الشعب العراقي ومنه الأكراد، ولذلك فإننا نرفض المزايدة على حساب الضحايا". وأكد أن "مؤسسات العدالة الانتقالية التي أقامها العراق بعد سقوط النظام السابق أنصفت ذوي الضحايا ماديا، لكننا بحاجة إلى إنصافهم اعتباريا وتذكير العالم بهم دائما".
على صعيد متصل أعلنت وزارة حقوق الإنسان أنها ستعقد خلال الشهر المقبل مؤتمرا في بغداد يفضح جرائم الإرهاب. وقالت الوزارة في بيان لها إن الهدف من "هذا المؤتمر تسليط الضوء على الإجراءات الحكومية على الصعيد الأمني في ضرورة بذل المزيد من الجهود لضرب الإرهاب وتجفيف منابعه، وعلى صعيد التنمية تقديم الخدمات للمواطنين بصورة عامة وإلى ضحايا الإرهاب بشكل خاص لما تعانيه هذه الشريحة من مصاعب ومشكلات كثيرة، والتنبيه على أهمية دور المؤسسات بدءا من المؤسسات الأمنية والقضائية ودورها في حماية حقوق وأرواح الموطنين وممتلكاتهم من خلال التشريعات والإجراءات العملية".
وأضاف البيان أن "الهدف أيضا إيصال رسالة إلى القوى السياسية والمجتمع الدولي بأن هناك تحديا كبيرا أثر على عمل الحكومة للقيام بمهامها، حيث خلف عشرات الآلاف من الضحايا والأرامل والأيتام والمعاقين ونقص في الخدمات وتراجع في البنى التحتية مما يستوجب إنصاف هؤلاء الضحايا وتوفير المستلزمات الأساسية للعيش الكريم وتعويضهم عن خسائرهم المادية والمعنوية".