لقد أنتفض الإمام الحسين عليه السلام على الواقع الفاسد الذي تعيشه الأمة الذي ن تج منه أن يكون الخمير يزيد قائداً للأمة وسيدها وأمير فسقتها ، هذا الواقع الذي أتصف بالازدواجية والأنانية الشخصية أو القبلية والسعي بجد نحو ملذات الدنيا ومفاتنها ، حتى أصبح الدين لعق على ألسنتهم بل هو مظهر يُلبس عند الحاجة والضرورة وليس علاقة ربانية تربط العبد بربه وتجعل التعاليم الإلهية في كل حركة وفعل وكلمة وسكون والرقيب على هذه العلاقة هو الله سبحانه وتعالى ،فأصبحت الأفعال العبادية من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها مجرد أفعال صامتة ليس فيها نتاج أو انعكاسات على الحياة العملية فلا الصلاة تنهى عن فحشاء أو منكر أو تأمر بالمعروف ولا الصيام يزكي الانفس ويبعدها عن الحرام ويجعلها تتحسس بالفقير المحتاج ولا الزكاة تطهر الأموال ولا الحج يقربك من وحدانية الله سبحانه وتعالى ويبعدك عن الشيطان وأحزابه ، حتى أصبح الكذب صفة المتكلمين والنفاق طريق المتزلفين والزنا والفسوق والسرقة والرشى علامة الأمراء والقادة والقضاة ، حتى أصبحت الأمة تتعبد بالدين الذي خلقه لها الحكم الفاسد الذي أنقلب على الحكم الإلهي الذي يقوده من نصبه النص الإلهي في يوم الغدير الذي صادف في الثامن عشر من ذي الحجة عام عشرة هجرية حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله )( من كنت أنا مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وأخذل من خذله وأنصر من نصره) ، وبعد هذا الانحطاط الكاسح والخطر الداهم والانحراف الجارف والابتعاد الكامل عن حكم الله سبحانه وتعالى خرج أبو الأحرار عليه السلام مدويا بصوته الكاسح صحراء ورمال جزيرة العرب وجبال مكة والمدينة وبساتين العراق والشام من مثلي لا يبايع مثله ، وكيف يبايع من يمثل الإسلام الحق طريق الشيطان الباطل وكيف يبايع الخير المطلق الشر المطلق ، وقد بين أبو الأحرار عليه السلام من أول انطلاقته وغايته وهدفه من هذه الثورة العظيمة التي هزت صفحات التاريخ واختلاف الليالي والأيام حيث قال سلام الله عليه ( إني لم اخرج أشراَ ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي ، أريد أن أمر بالمعروف وانهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن ابي طالب عليه السلام) ....(1)، فكان هدفه الإصلاح من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطريقه وهديه هو طريق محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين أي الولاية ، فطريق الحسين عليه السلام هو إصلاح النفوس وإبعادها عن كل القبائح والرذائل من كذب ونفاق وأكل الحرام والخيانة وجميع الموبقات التي فرضت الشريعة الالهية الابتعاد عنها واجتنابها ، فمن يريد أن يخلد ويتأسى ويحزن ويتألم بمصاب سيد الشهداء عليه السلام عليه ان يجعل في قلبه وأمام عينه الغاية والهدف من ثورة أبي الأحرار عليه السلام وهو الإصلاح من خلال طريق الولاية الذي يأمر بأوامر الله سبحانه وتعالى التي تقربنا من السعادة والجنان ويبتعد عن أوامر الشيطان التي تدفعنا الى الشقاء والنيران ، فمن يقوم بإصلاح نفسه فأنه يقوم بمساعدة تحقيق هدف ثورة الحسين عليه الإسلام وهو الإصلاح ومن يصر على فعل المنكرات فأنه يقوم بمنع بل محاربة تحقيق هدف وغاية ثورة كربلاء العظيمة لان عاشوراء الإصلاح .
بحار الأنوار ج44ص329 ، العوالم الإمام الحسين عليه السلام ص179
مقالات اخرى للكاتب