مرة واحدة التقيت فيها النائبة فيان دخيل التي تترأس لجنة الإعمار والخدمات في البرلمان .. كان لقاء خاطفاً اقتصر على التحية والمصافحة العاجلة لأن الآخرين في المكان كان عليّ السلام عليهم أيضاً. مع هذا فإنني أقدّر السيدة دخيل واحترمها اكثر بمئات المرات من عشرات من النواب الذين أعرف بعضهم منذ عقدين وأكثر.
السيدة دخيل بالنسبة لي أنموذج حقيقي لممثل الشعب.. على مدى سنوات وجودها في مجلس النواب وعلى رأس لجنة الاعمار والخدمات اثبتت انها وطنية عن حق ومخلصة عن حق وجادة عن حق ومثابرة عن حق، "تسوا" مئة نائب وأكثر ممن لا يرون في النيابة غير تحصيل المكاسب والمغانم. باختصار ان السيدة دخيل فخرٌ حقيقي لأبناء قوميتها الكردية وديانتها الايزيدية وكتلتها النيابية، التحالف الكردستاني، ولنا، ولو كان لدينا لنا نحن العرب والمسلمين مئة نائب مثلها ما كنّا في هذي الحال التعيسة.
لكن .. السيدة دخيل خذلتني أمس وانا اقرأ التقرير الذي تلته في جلسة البرلمان الطارئة المنعقدة أمس الأول للبحث في فضيحة الفيضان الكبير المتكرر العام بعد الآخر.
كان التقرير جيداً للغاية.. قدّم صورة واقعية لما حدث واسبابه وسبل الخروج من هذه المحنة، لكنه خلا من أي اشارة لشيء مهم للغاية .. لماذا؟ لست أدري. السيدة دخيل مطالبة بالتوضيح .. اقترح ان تعقد مؤتمراً صحفياً طارئاً لتقديم التوضيح، والا فسأسحب شخصياً اعجابي بها وبأدائها المميز!
تقرير لجنة الاعمار والخدمات الذي القته السيدة دخيل جاء فيه "أشرنا منذ وقت مبكر الخلل الكبير في اداء الجهات التنفيذية المعنية بملف تصريف المياه وعدم التخطيط السليم لمعالجة هذه المعضلة وسوء التنفيذ بالمشاريع المتعلقة بهذا القطاع، ويتضح ذلك من خلال عشرات المخاطبات مع وزارة البلديات وامانة بغداد ورئاسة مجلس الوزراء، إذ اشرنا على مواطن الخلل المتمثل بالنسب المتدنية في إنجاز المشاريع".
وقالت دخيل وهي تختم تقديم التقرير "اقولها بكل ألم وليسمعها كل ابناء الشعب العراقي، ليس من مسؤولية مجلس النواب العراقي جلب الخدمات للمواطنين اذ انها مسؤولية الحكومة ولكننا نتحمل مسؤولية المراقبة والمتابعة للاجهزة الحكومية وعدم تفاعل الحكومة واستجابتها للإجراءات الرقابية، يدعونا لاتخاذ موقف واحد ومحدد وحاسم استناداً لما أقره الدستور والنظام الداخلي ومن دون ذلك سيتحول مجلسنا الموقر الى ظاهرة صوتية لا تتناسب مع حجم الكارثة التي يمر بها شعبنا الكريم في اغلب المحافظات".
التقرير حدد أسباب الفضيحة بـ:
1- عدم فاعلية لجنة الخدمات الوزارية رغم امتلاكها كافة الصلاحيات اللازمة لإدارة هكذا ازمات وعدم اتخاذها الاجراءات الاحترازية والتنسيقية بين الجهات الخدمية المسؤولة عنها.
2- عدم وجود خطط ستراتيجية لمشاريع المجاري في بغداد والمحافظات.
3- عدم وجود شبكات خاصة بتصريف مياه الامطار معزولة عن شبكات المجاري.
4- قلة كفاءة الكوادر المتخصصة والمتقدمة من الوكلاء والمدراء العامين في أمانة بغداد ووزارة البلديات.
5- عدم المتابعة الحقيقية في تنظيف شبكات المجاري والاستعداد لموسم الامطار من قبل معظم البلديات في بغداد.
6- انسدادات تتراوح بين 60 و80% في خط زبلن الحيوي الذي أنشئ في ثمانينيات القرن الماضي، حيث يعمل الآن بطاقة لا تتجاوز 25%.
7- تقصير أمانة بغداد في انجار مشروع خط الخنساء، والاسباب المقدمة غير مبررة هي وجود العشوائيات، حيث كان يمكن تدارك هذا الامر لو ان أمانة بغداد كانت قد نفذت المشروع وقت إحالته.
8- عمل بعض البلديات متلكئ جداً في تنظيف الخطوط الناقلة والمنهولات ما أدى لانسداد قسم من هذه الخطوط بشكل كامل في كثير من الأحياء.
9- وجود عدد كبير من المناطق غير مخدومة بشبكات تصريف المياه والمجاري في بغداد والمحافظات.
10- عدم إمكانية تشغيل المضخات في محطات التصريف بالطاقة الكاملة في كل منطقة كي لا تفيض المناطق التي تليها وكانت النتيجة غرق جميع الأحياء.
11- عدم وجود تواصل في العمل بين مديريات البلدية.
12- عدم استخدام المبازل بتصريف مياه الأمطار وان وجد هذا التصريف فان المبازل تكون غير مكرية.
13- تقادم شبكات المجاري وانتهاء العمر التصميمي لها وعدم وجود بدائل لهذه الشبكات.
14- كثرة العشوائيات والتجاوزات وعدم معالجة هذه الحالات المخالفة للقانون.
15- قلة السدود التي تحجز السيول كما حدث في صفوان والعمارة وواسط.
16-تردي نسب انجاز امانة بغداد ووزارة البلديات لمشاريعها رغم وجود التخصيصات اللازمة.
17- عدم التفات الجهات المعنية الى قلة عدد الآليات( شافطات/ ساحبات) المتوفرة لدى أمانة بغداد ووزارة البلديات ، وعند مناقشة الامر مع الجهات المعنية يدعون قلة التخصيصات رغم ان اكثر من 70% من ميزانيتهم يعود الى خزينة الدولة.
18- عدم الاستعانة بالخبرات الأجنبية في تصميم وتنفيذ المشاريع.
السيدة دخيل .. "لعد" وين رقم 19؟ .. وين الصخرة التي تحدث عنها رئيس الحكومة بعظمة لسانه، ودخلت الموسوعات والأطالس إلى جانب صخرة سيزيف وصخرة الروشة وصخرة المسجد الأقصى؟.. صخرة عبعوب!
مقالات اخرى للكاتب