الحكومات الفاشية والارهابية وحدها التي تميل الى اسلوب التخلص من المعارضين بالرصاص. وهذه الحكومات ، عادة ، تفرخ عشرات الفرق والتنظيمات السرية المعقدة التي تتولى تنفيذ (المهمات القذرة)، وتتبنى في الوقت نفسه عشرات القتلة المحترفين ممن لاتنبت في قلوبهم حبة الرحمة، وهم عادة قساة شذاذ الافاق مجرمون لا دين ولا مذهب، ولا قيم ولا شرف عندهم الا تنفيذ الواجب او المهمة وقبض الثمن!.
وظاهرة الاغتيالات السياسية لها جذور في تاريخنا العربي والاسلامي، وان كبار اوائل رجالات الرسالة المحمدية قضوا نحبهم بالاغتيال الخسيس، وامتد هذا الارث القذر الى ايامنا هذه، وحال الحكومات الضعيفة العنصرية والفاشية انها تجد الحلول الجاهزة للمعارضين بالتخلص منهم غيلة!.
اليوم ليس بمقدورنا أن نتهم احدا بتنفيذ عمليات الاغتيال التي طالت عراقيين.. والعراقيون الذين يقتلون بالرصاص من اطياف مختلفة، وفي مراكز اجتماعية متباينة.. ضحايا المسدسات كاتمة الصوت في الاغلب من خطباء المساجد وائمة الجوامع وموظفين في وزارات الحكومة.. ولكن السؤال: لمصلحة من تتم عمليات الاغتيال الواسعة النطاق في عموم بغداد من دون ان تتوفر للضحايا الحد الادنى من الحماية والردع للاخرين؟!.
الناطق باسم عمليات بغداد يبشر العراقيين بين فترة واخرى بنجاح الخطط الامنية.. واسأله: أيّ خطط امنية وزلزال الاغتيالات والسيارات المفخخة لايتوقف عن صيد الرؤوس؟!.
من حق الناس ان تتساءل عن من يقف وراء فرق الاغتيالات التي تستهدف(ماركة!) معينة من الرجال في بغداد.. ومن حقهم ايضا ان يتهموا الميليشيات وزمر القتل السائبة بتنفيذ العمليات القذرة من دون تردد وخوف، بل من خلال (سياج) حماية توفره لهم عناصر محسوبة على الحكومة واجهزتها..
العراق لايحكم بأسلوب الاغتيالات!.
والعراقيون لايقادون بالميليشيات وارهابها الطائفي!.
واهل العراق اختبروا ظاهرة الاغتيال منذ زمن عمر بن الخطاب وعلي بن ابي طالب وعشرات الخلفاء والامراء، وامتدت الظاهرة الى العهد الملكي، فالجمهوري، وكانت ابرزها المحاولة الفاشلة للبعث في اغتيال عبدالكريم قاسم في 7 تشرين الاول 1959، وقبلها شهد العراق في عهد عبدالكريم قاسم موجة من الاغتيالات التي طالت مواطنين عاديين بدوافع عقائدية وسياسية من الكرد والتركمان!.
بعض الحكام العراقيين يعتقدون ان التخلص من المعارض والخصم بالقتل عملية سهلة وتريح البال، ولكن متى كان اغتيال المغدورين يمر من امام الرب العظيم من دون قصاص و"بشر القاتل بالقتل"!.
العراق بلد مختلط فيه من القوميات والاديان والعقائد ما يجعله مرشحا بقوة لأن يكون امة كالامة الامريكية والامة الهندية وفي بلد كالعراق لا أمل ابدا لكل محاولات الاغتيال، اذ ان الاصوات لا تموت حتى بعد رحيل اصحابها غدرا!.
الحكومة الحالية تعرف قبل غيرها ان"الاغتيال" كاسلوب ارهابي تصفوي لم ينفع اطلاقا في تركيز العملية السياسية أو منح العراق الامن والثبات والاستقرار.. تبقى الحكومة واجهزتها متهمة ما دامت خرساء عرجاء صماء عن تهديدات الميليشيات وفرق الموت المنتشرة في احياء الكرخ والرصافة!.
المطلوب اجتثاث الميليشيات- والغريب ان بعض زعماءهم تحولوا الى نجوم في الفضائيات!!- وان سكوت الحكومة يؤكد المثل العربي الشهير(يكاد المريب يقول خذوني)!.
مقالات اخرى للكاتب