الى المهندسين الغيارى و اصحاب التخصصات في مجال التخطيط الحضري و العمراني و الى جميع اصحاب الذوق و الفن و الجمال و من يعنيهم الامر ... ان مرقد الامام الحسين يختنق و يتوارى عن الانظار ...في ظل الابنية الفخمة و الشاهقة التي اكتضت بها المساحة المحدودة من ارض كربلاء ... و التي حجبت لئاليء السماء و خيّمت على بريق القبب السامقة للحسين و اخيه العباس ... حتى يتراءى للناظر انه ليس في كربلاء انما في وسط الـ (down town) لمدينة تجارية ... لقد هيمنت رؤوس الاموال و التي قدِمت من مصادر شتى و استمثرت لاغراض شتى ... حتى استفحل التسابق بين اصحاب رؤوس الاموال لتوظيفها في مجال الانتفاع و الكسب على حساب المدينة التي كنّا في يوم ما نقتبس منها شعاعا ممتدا الى عنان السماء ... فتنشرح الصدور ... اليوم تسابق و تلاهث الخصوم و الاصدقاء كل منهم يضع موطيء قدم فيها ... فقد هبّ و دبّ كل من اكتنز الاموال بحق و بدون حق ... كنّا في يوم ما نفتح صدورنا لنمنح انفسنا زخما روحيا حينما نطل على مشارف كربلاء و حينما نتجول في احيائها و شوارعها و دون عائق يقف امام الامتداد البصري لمرقد الحسين و العباس او حاجز يعلو ليمنع الطيور التي تمرح على منائرها و تصدح بشدوها ... اما اليوم فلا نجد امامنا إلاّ الابنية الصماء المتناثرة هنا و هناك لتلتف حول المدينة و تطوق صدرها و تخنق اوداجها و تقطع أوصالها و تمنع النسيم العليل لتسدل الظلام و تفرض العتمة الحالكة على ربوع المدينة الحزينة ... لقد اعتدوا على كل شيء في بلدي و صادروا كل شيء من ذاكرتي و الابشع من ذلك ان كل ذلك يحصل على مرأى و مسمع من الجميع ... بل بمعاول من يدّعون الامانة و المسؤولية ...و لهذا فان من الجدير به ... دراسة الرؤية التالية من قِبل المتخصصين :لنجعل مرقد الامام الحسين على غرار نصب الشهيد في بغداد(الروح فيه تعانق الدم المضرج ملتفا حوله علم العراق لتنبثق انشودة موطني منتصبة على سارية بيرق النصر... فتطاول المجد و الآمال)ان نصب الشهيد من ابرز المعالم المعمارية في بغداد وهو من تصميم المهندس المعماري العراقي سامان أسعد كمال و القبة من تصميم الفنان التشكيلي العراقي إسماعيل فتاح التركويرمز النصب إلى تضحية الشهيد في سبيل وطنه ومبادئه و هو يقع في جانب الرصافة من بغداد وقد أنشأ سنة 1986 وتكمن عبقرية التصميم في الخداع البصري في النصب المقام على أرض مفتوحة مترامية الأطراف , إذ يشاهد المار بالسيارة حول النصب أن شطري القبة التي تبدو مغلقة عند بداية الشارع , ثم يبدآن بالابتعاد أحدهما عن الآخر وكأن بوابة تنفتح أمامه تمهيدا لخروج شيء ما وعندما يدخل الزائر موقع النصب يلاحظ أن هذا الشيء هو العلم العراقي الذي يرتفع إلى الأعلى تجسيدا لارتقاء روح الشهيد إلى السماء.يتكون النصب بشكل رئيسي من القبة العباسية المفتوحة بارتفاع 40 متر والراية التي ترتفع بطول خمسة أقدام فوق الأرض وثلاثة أمتار تحت الأرض حيث تشاهد على شكل ثريا ، والينبوع الذي يتدفق ماؤه إلى داخل الأرض ليرمز إلى دم الشهيد.يتألف النصب من منصة دائرية قطرها 190 متراً تجثم فوق متحف سفلي وتحمل قبة من شقتين يبلغ ارتفاعها 40 متراً ويجثم هذا الصرح المعماري بأكمله وسط بحيرة صناعية واسعة.قامت بتنفيذ النصب شركة ميتشوبيشي وفقاً لمواصفات صارمة وضعتها مؤسسة أوف آروب وشركائها للاستشارات الهندسية (التي اشتهرت بتصميمها لمبنى دار الأوبرا في سيدني) ، كما تولت تنفيذ مختلف مراحل التصميم التفصيلي ورسومات التشغيل مجموعة من المهندسين العراقيين.
مقالات اخرى للكاتب