أصدر الرئيس الأمريكي الجديد ترامب, قرارا أثار جدلا واسعا, بحضر الدخول للولايات المتحدة الأمريكية, شمل مواطني سبع دول من الشرق الأوسط, بدعوى المحافظة على امن الولايات المتحدة الأمريكية !.
ونظرة الى أسماء هذه الدول, يتخيل لنا أن الرئيس الأمريكي مصاب بالحول, أو ربما جاء من كوكب آخر, ولا يعلم من الذي يشكل خطرا على الولايات المتحدة, ومن الذي نفذ عمليات إرهابية فيها, فالعالم بأجمعه يعلم أن مواطني هذه الدول, التي شملها الحضر, عانوا ما عانوه من ويلات الإرهاب, ومنظماته كداعش والقاعدة, التي أحرقت بلدانهم, وأصبحوا مشردين في بلدان العالم, ومنها أمريكا.
فالعراق؛ لا زال يحارب الإرهاب, نيابة عن دول العالم أجمع, وتعرض شعبه بعربه وكرده ومسيحييه, للقتل والتهجير, ودمرت بناه التحتية, وهو مشترك في اتفاقية إستراتيجية, مع الولايات المتحدة, وبينهما تعاون ثنائي في المجال الأمني والعسكري, في مكافحة الإرهاب المدعوم من دول مجاورة للعراق, ولكن الحضر الأمريكي لم يشملها !.
أما سوريا؛ فقد فعل الإرهاب فيها فعلته, وجعلها حطاما منسيا, وشرد أهلها في مختلف أصقاع العالم, يستغيثون من القتل والدمار, الذي لحق في بلدهم, والذي كانت أمريكا شريكة في صناعة الإرهاب فيه, ولا يختلف ما يحصل في اليمن, عن الذي يحدث في سوريا, فمازالت أمريكا تغض النظر, عن الدمار الذي يطال اليمن, ويقتل شعبه من قبل التحالف الدولي - السعودي, بل هي من الداعمين له .
وشمل بهذا القرار أيضا ليبيا, التي تركتها الولايات المتحدة, لقمة سائغة للإرهاب وداعش, يستبيح أرضها ويقتل شعبها, ويستولي على ثرواتها, ولا نعلم السبب الذي دعا ترامب لشمول إيران, التي لم نسمع عن تواجد منظمات إرهابية فيها, وكذلك السودان والصومال, رغم إن هذه الدول لم تأتي على لائحة الإرهاب, التي عناها قانون "جاستا", الذي شرعه الكونغرس الأمريكي, العام الماضي .
الكل يعلم, إن الإرهاب انتشر في اغلب هذه الدول, بسبب السياسات الخاطئة للإدارة الأمريكية, باعتراف ترامب نفسه, وان هذه المنظمات مدعومة سرا وعلانية, من دول إقليمية تمثل محور الإرهاب, مثل السعودية وتركيا وقطر, وان اغلب العمليات الإرهابية التي ضربت العالم, كانت تخرج من هذه الدول, تخطيطا وتنفيذا, فهل إن ترامب أحول, لكي لا يرى داعمي الإرهاب ومنفذيه .
لا نعتقد إن الرئيس الأمريكي, مصاب بالحول أو الاشتباه, بل إنه وضع ميزانا لعلاقاته مع هذه الدول, ليس له علاقة بالأمن الأمريكي كما يدعي, أولها رؤوس الأموال, التي تتدفق من هذه الدول, فعلى الرغم من مجاهرتها بدعم داعش والنصرة, لازال لديها الكثير من الأموال, التي يسيل لها لعاب ترامب, وبالإمكان حلبها والاستيلاء عليها, عن طريق بيع الأسلحة بأسعار خيالية, والكثير من الاستثمارات الأخرى.
كما إن هذه الدول المتورطة بدعم الإرهاب, لديها علاقات متينة مع إسرائل, وترتبط معها بمصالح سياسية واقتصادية, وهو القياس الأهم بالنسبة لترامب, الساعي لدعم الكيان الصهيوني بكل قوة, وهذه العلاقات هي التي شفعت لهذه الدول, عند الرئيس الأمريكي, فالقرار الذي اتخذه هو سياسي بامتياز, ولا علاقة له بأمن الولايات المتحدة مطلقا.
من كل ذلك نعرف, إن ترامب وضع إستراتيجية جديدة, لسياسية الولايات المتحدة, مبنية على جني الأموال, والدفاع عن إسرائيل, ومن اجلهما مستعد إن يُصدر مثل هذا القرار, الذي يتناقض مع القيم والمبادئ الإنسانية, التي ينادي بها الغرب ومنها أمريكا, ويعارض الدستور الأمريكي الفيدرالي .
مقالات اخرى للكاتب