لا شك ان كل مرتادي شارع المتنبي شعروا بالغبطة والفرحة بعد فتح ابواب مبنى القشلة التراثي امامهم . وما كانوا ليحلموا برؤيتها يوما ما .. الحلم تحقق بعد خطوات جريئة قادها بنفسه محافظ بغداد السابق الدكتور صلاح عبد الرزاق حتى جعل منها جنينة .. شهدت بعد التأهيل وما زالت فعاليات ثقافية مختلفة،زهور حدائق القشلة بالوانها واشكالها تسر الناظرين ، والسياج الذي احاط بالحدائق منحها قدسية وحرمة..الممرات المرصوفة بالفرشي..وسوباطها المرفوع باعمدة الخشب. اشجارها المطلة والمظللة وبساطها الاخضر الممتد على حدائقها بشكل منسق جميل .. كل هذا الجمال يحتاج الى رعاية وعناية ، خطوات مهمة بدأها محافظ بغداد السابق في مجال احياء التراث البغدادي من خلال تأهيل مبنيين مهمين هما مبنى الحاكمية ، ومبنى القشلة المقابل له ، فاما الاول فقد اصبح المركز الثقافي البغدادي، واما القشلة فقد اصبحت حديقة الثقافة ، وهي المكان المحبب لرواد الثقافة العراقية واصدقائهم .. وان عمليات التاهيل نالت اعجاب الكثيرين ممن زاروا مبنى القشلة وحضروا النشاطات الفنية والثقافية التي اقيمت فيه ، او اولئك الذين مارسوا نشاطات من نوع اخر تحت قبات ومظلات انشأت في الحدائق ، واصبحت ملاذا لمنظمات المجتمع المدني ، ومحطات لجلسات شعرية وموسيقية ومواقع للرسم الحر. فمجرد التجوال والسير في ممرات القشلة يبعث الراحة للنفس والتفاؤل بان العراق بدا يعيد لاثاره وتراثه اهميتها وحضورها ، فكم غاب هذا التراث عن المشهد العام والمشهد الثقافي الخاص .. ولعل ازدهار الثقافة في هذه المرافق كان له اثر واضح وأوصل رسالة بأن الاماكن الاثارية والتراثية بيئة خصبة لتنمية الثقافة وعرضها بشكل ساحر وممتع.
اذن كانت خطوة موفقة ، وكان من الممكن ان تتبعها خطوات تمتد الى مباني اخرى تكون نسيجا ونسقا جميلا يمتد على ضفاف دجلة وصولا الى منطقة الباب المعظم ، حيث مبنى بيت الحكمة ، ومبنى القصر العباسي الذي استخدم في فترة ما متحفا حربيا ، ومبنى وزارة الدفاع الذي ينسجم كليا مع الطرز العمارية للمباني التراثية في المنطقة .. لقد توقف التأهيل بسب قلة التخصيصات، وتبقى مسؤولية الاهتمام بالمبنيين مشتركة بين محافظة بغداد ، ووزارة الثقافة والسياحة والاثار ، وامانة بغداد .. اما المسؤولية الاكبر فتقع على عائق المجتمع المدني الذي انتعشت نشاطاته وفعالياته .. لانه لو اهمل الرعاية سيفقد واحدة من اهم واجمل ساحاته وسيخسر الجميع تلك الطلعة البهية للتراث العراقي في حديقة الثقافة صباح كل جمعة.
مقالات اخرى للكاتب