كهرباء العراق، واقع ام خيال .. عقد ونيف يمر على العراق ونحن نعيش معركة وهميّة مع عَصب الحياة، تغدق عشرات المليارات سنويا بلا جدوى، توقفت عجلة الحياة ولا خدمات، حتى بات المواطن البسيط لا يعرف معنى الرقاد بعد ساعات عمله الطوال تحت أشعة الشمس في صيف العراق اللاهب، يعود لبيته لا يجد مروحة تدور او مكيّف هواء يمنحه نومة هانئة تعيده لدوامة العمل المضّني، حتى يرجع في صبيحة اليوم التالي متثائبا قلقا متعبا، تلك ضريبة قاسية وعقوبة جماعية اكبر من جميع العقوبات التي مارستها الطواغيت بحق الشعوب.. ناهيك عن ما ينفقه المواطن البسيط من شراء مولدات الكهرباء الصغيرة التي باتت تملأ الأزقة والبيوت، والتي تدرُّ ارباحا هائلة في جيوب تجار الأزمات وشركات احزاب السلطة الاستيرادية، وكذلك مغادرة رؤوس الأموال للعملة الصعبة بتحويل البنك المركزي لشهادات الاستيراد بغية جلب البضاعات الرديئة، ناهيك عن ما تسببه من ضوضاء وأبخرة تسبب آلاف الأمراض والسرطانات .. او يشترك المواطن في اشتراك كهربائي لمولدة الحيّ الذي يقطنه وعليه ان يتحمل ابتزاز الأسعار من صاحب المولدة الكهربائية .. جميعا يتحملها المواطن لان قيادة الدولة تتخبط، بل تتلذذ في الفساد وتبتكر عناوين شتى .. تطعمه أفيون الوعود مخدرا خلف ستائر الشعارات الطائفية والمذهبية وال سوف المستقبلية التي لا تحقق شيئا، و تملأ جداول الوعود كذبا وخداعا. قبل يومين وقعت شركة "General Electric" عقدا لإنشاء محطتي توليد الكهرباء في المثنى والناصرية بطاقة إنتاجية 1500 ميكا/واط وبسعر اجمالي مليار وتسعة وأربعون مليون دولار أمريكي.
بغية تسليط الضوء على فكرة المقال:
- العراق كان ينتج 4470 ميغا/واط عام 2003.
- العراق حاليا بحاجة الى 20000 ميكا/واط كطاقة كهربائية منتجة او ربما اكثر.
- العراق صرف منذ عام 2003 ولحد الان بمشاريع الكهرباء الترقيعية اكثر من ستون مليار دولار.
لو تعاقدت حكومتي المالكي المتعاقبتين مع شركة جنرال إليكتريك لتوليد 15000 ميغا/واط لتوفير احتياجات الانتاج الكهربائي، لكان سعر التعاقد عشرة مليارات، مقارنة السعر بقيمة العقد المبرم لمحطتي المثنى والناصرية الحالي.
لكن ما اتجهت اليه حكومتي المالكي الى التعاقد مع شركات وهمية ووسيطة تجارية بغية الحصول على صفقات تحت الطاولة وتمرير عقود وهمية بعشرات المليارات تحت شعار انتاج الكهرباء، والتجأت الى الحالات الترقيعية لمحطات توليد الكهرباء المتهالكة بأرقام فضائية كمنفذ للفساد وضياع المال العام.
كذلك فان استيراد الكهرباء من ايران وآخر المبالغ المترتبة على العراق دفع مليار ونصف المليار دولار وهي كفيلة بإنشاء ثلاث محطات توليدية بسعة 2250 ميغا واط (بمواصفات المحطات التي تم التعاقد بها مع شركة General Electric.
ان عدم لجوء حكومتي المالكي للشركات الرصينة، بسبب انعدام قدرة مدرائها على تقديم الرشى للحكومة العراقية بغية رسوّ العقود، لذلك كانت الشركات الإيرانية وجنوب شرق آسيا غارقة في ملفات الفساد والعقود الوهمية مع الحكومة العراقية.
واخيرا ان الرقم المعلن لتنفيذ محطتي انتاج الطاقة الكهربائية ل 1500 ميغا/واط بسعر مليار دولار، هي الضوء الساطع على حجم الفساد الذي اقترفته حكومتي المالكي بقيادة الشهرستاني مهندس مشاريع الطاقة والنفط في العراق، الذي أدت الى ضياع وسرقة مئات المليارات، وقراره باستيراد محطات توليد الكهرباء الغازية المتهالكة، وشراء وقود الغاز التشغيلي من ايران، والتعمد في حرق الغاز العراقي المصاحب لانتاج النفط دون استخدامه في مشاريع انتاج الكهرباء، تلك الكوارث الحقيقية التي اقترفتها حكومتي المالكي المتعاقبتين على إدارة البلاد، وكان الله بعون العراق.
مقالات اخرى للكاتب