من يقارن تصريحات بعض الساسة الكورد مع تصريحات حكومة اقليم كوردستان يخيل اليه انه امام موقفين كورديين مختلفين لا يجمعهما رؤية سياسية واحدة , ويتوصل لنتيجة مفادها ان هناك طرحين لحكومة الاقليم , احدهما داخلي موجه لمواطني الاقليم وآخر خارجي موجه للشارع العربي خارج حدود كوردستان .
فبينما تؤكد التصريحات الرسمية لحكومة الاقليم على الضغط باتجاه ضرورة تغير النهج السياسي للمركز حيال القضايا الخلافية مع الاقليم , والتأكيد على اجراء استفتاء شعبي بخلاف ذلك يغير طبيعة العلاقة القائمة بين بغداد واربيل , يدلي بعض الساسة الكورد بتصريحات تغرد في مكان و زمان اخرين تعدتهما التطورات الحالية .
ففي توقيتين متزامنين خرج علينا السيدان عارف طيفور والملا بختيار العضوين البارزين في الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني (على الترتيب) بتصريحين لا يمكن نعتهما تصريحات سياسية ذات مغزى قدر كونها تضعف الموقف الكوردي في اي مفاوضات محتملة لتشكيل الحكومة العراقية القادمة .
فقد دعا السيد عارف طيفور الامم المتحدة والمنظمات الدولية ( للاعتراف ) بعائدية كركوك لإقليم كوردستان اعتمادا على نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة والتي حصل فيها الكورد على ثمانية مقاعد في محافظة كركوك بينما حصل المكونين العربي والتركي على مقعدين كل على حده .
بينما صرح السيد ملا بختيار بان هذه السنة هي سنة انضمام كركوك الى كردستان سواء بتطبيق بنود المادة 140 او بقرار كوردي منفرد .
لن نتكلم هنا عن الاختلاف الواضح في التصريحين بين رؤى الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني حول قضايا الاقليم الشائكة مع المركز , ولكن سنركز هنا على ما يعكسه التصريحان من تناقض مع موقف حكومة اقليم كوردستان ازاء العملية السياسية برمتها في العراق , وهذه تعتبر ( غلطة شاطر ) وقع فيها الرجلان متمنين مراعاتها مستقبلا .
كيف يمكننا المرادفة بين ما اقترحه السيد عارف طيفور مثلا وبين ما تطرحه حكومة الاقليم من خيار الاستفتاء , اذا ما عرفنا ان تحويل قضية مثل قضية كركوك والمناطق المستقطعة الى الامم المتحدة والمحافل الدولية قد تستغرق فترة زمنية اطول مما استغرقه تطبيق المادة 140 والتي لم تستكمل لحد الان ؟ في الوقت الذي يجب ان يكون الذهاب الى خيار الاستفتاء الشعبي في كوردستان خلال الفترة القصيرة القادمة وإلا فإنها ستفقد مستوجباتها . ثم منذ متى يمكن لجهة دولية مثل الامم المتحدة اتخاذ خيارات المشاركين في الانتخابات كدليل على انتماءاتهم القومية ؟
اما تصريح السيد ملا بخيتار فهو يعكس تماما الواقع الذي يعيشه الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يحاول استعادة الجمهور الذي فقده بتصريحات اقرب ما تكون الى تصريحات الحملات الانتخابية . ان تحديد مهلة ( السنة) التي ذكرها الملا بختيار بشكل مطلق دون ذكر استثناءات لها تشير الى عدم توافق الرؤى بين حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني وحكومة اقليم كوردستان حيال القضايا العالقة بين بغداد واربيل , فالذهاب الى استفتاء شعبي لتغير نوعية العلاقة بين اربيل وبغداد كما تطرحه حكومة الاقليم تعني مسبقا تغيرا في الدستور العراقي مما يجعل الحديث عن المادة 140 حديثا لا طائل منه , بينما الانتظار سنة لتطبيق المادة 140 يشير الى الرغبة في الابقاء على الدستور الحالي و نوعية العلاقة الحالية مع المركز .
لا نعرف كيف يمكن تطبيق مادة دستورية في سنة واحدة مع انه قد مضى على تطبيقها ما يقارب عقدا من الزمن دون الوصول الى نتائج ملموسة منها .
نتفهم حاجة الاتحاد الوطني الكوردستاني للخطابات الحماسية في حشد جمهوره من جديد , ولكن لا يجب ان تكون هذه الحماسة متناقضة مع التوجهات العامة لشعب كوردستان بحيث ينتج عنها تشتيتا للموقف الكوردي في استعمال اوراق الضغط لتشكيل الحكومة العراقية القادمة , وفتح الطريق امام بعض التيارات السياسية في العراق لاستغلال هذه الفجوة والدخول من خلالها لشق الصف الكوردستاني في وقت نحن فيه بأمس الحاجة الى توحيد المواقف والرؤى لتفويت الفرصة امام اعداء الكورد وما اكثرهم .
مقالات اخرى للكاتب