لا اعرف من اين ابتدأ رسالتي هذه وكيف ؟ لكنني اردت توضيح موقفي من ترشيح اخي ضرغام لتحمل جائزة الصحافة العالمية في لندن اسمه ، لاستذكار انسان ضحى بحياته . من اجل ان يعبر عن رأي لاغير في زمن نادر من أزمنة الرعب التي يعرفها كل من عاش تلك المرحلة
لم تكن لدينا أية نية مخبأة لا للظهور الاعلامي او للمتاجرة حسب مادار في خلد البعض فبالله عليكم بمن نتاجر وعلى من ؟ هل يندرج ضرغام ضمن ابطال الأحزاب الحاكمة اليوم في العراق ؟ كي نأخذ هذه القضية ونتسلق عليها؟
على العكس فانا شخصيا حينما كتبت نصي ( ضرغام هاشم قلب عابر للطوائف) في كتابي الأخير ( انا والجنة تحت قدميك ) ، سارع البعض ليتهمني ويصف القصيدة "بالقصيدة السنية" فاليوم حتى الشعر لم ينحو من سرطان التأويل الطائفي وهناك من وبخني على محاولة تغيير القصة الحقيقية. الباطلة بنظري وهي اتهام ضرغام بالعمل لجهات اجنبية .
حاولنا صادقين ان نضع ضرغام امام أعين العالم لنقول لهم : كونوا اكثر إنصافا وعدلا كونوا اكثر شرفاً وأنتم تتحدثون وتكرمون ابطال حرية التعبير من الكتاب والإعلاميين في زمن صدام ، وتنسون اسما ظلم وغاب في ليل العراق الظالم والمظلم
ضرغام بقدره الموجع تحول الى فكرة من أفكار حرية الشعوب والأفكار لا تموت ، هذا فضلا عن ان قصته أكدت لا مكان للطائفية بين العراقيين قبل عام ٢٠٠٣
بماذا نتاجراذا ؟!!، فحتى تلك الجائزة قيمتها قيمة معنوية لا تحوي مالا ولا اجندات سياسية ، هي باختصار تحية عالمية من كل المتطوعين العاملين في الاكاديمية العربية لحقوق الانسان المدافعين عن قيم حق الانسان في التعبير
الجائزة تحية من العالم الحر لضحايا وأبطال حرية التعبير وابن العراق البار( ضرغام هاشم ) كان واحدا من هؤلاء الذين يفخر بهم جميع الذين يحملون تلك القيم ويدافعون عنها بما يملكون من أدوات
فالحسين حينما هب لنصرة اهل العراق وهو القريشي ، هل فكر العراقيون اليوم بالاستئذان من سلاسة قريش للاحتفاء ببطولته ؟!!!
قصة ضرغام عابرة للهويات ، قصة يجب ان تدخل في سياق أدبيات عالم الاعلام وعلم الاجتماع ومفاصل اخرى من أدوات البحث العلمي لدراسة تاريخ العراق والمجتمع العراقي
و مادام العراق اليوم انتبه الى هذه القصة الفريدة في تاريخه وهو يستذكر ويكرم ضرغام هاشم بوشاح العراق اذا لتكن هذه المناسبة مراجعة اخطاء ألمرحلة الانتقالية التي مر بها بلدنا بعد سقوط الدكتاتورية على يد الأمريكان ، لنتعلم من تجرية جنوب افريقيا الناجحة في منحها العفو لمنتهكي حقوق الانسان شرط الاعتراف بالجرائم التي ارتكبت وتقديم الاعتذار وكذلك طلب العفو من أهالي الضحايا و ألاهم إعطاء المعلومات عن المفقودين
ليكن تذكر ضرغام اليوم دعوة حكيمة وصادقة الى كل ضمير عراقي كان قد عرف أية معلومة عن مصير زميلنا ومصير اخرين من العراقيين الذين غيبوا واختفوا حتى بعد عام ٢٠٠٣ ومازال ذووهم ينتظرون أية نقطة تقودهم لمعرفة حقيقة ماجرى لهم ، او العثور على رفاتهم لتكن هذه المناسبة مناشدة إنسانية لهؤلاء أينما كانوا ان يباشروا ويبادروا. بإرسال أية إشارة لأهالي الضحايا لموقع الاكاديمية اذا كانوا يخشون من الملاحقة القانونية ،
وهذه المناسبة أعطتني انا أيضاً الشجاعة لأحقق حلم عائلتي وصبرها المتمثل بوالدتي وأخيها مهدي رحمها الله وخالتي الوحيدة التي لازالت تحلم الإمساك ولو بعظام أخيها لاغير لمناشدة ضمائر هؤلاء أيضاً في إعطائنا أية معلومة عن خالي الذي اختطف لظرف نعرفه و لامجال لذكره الان ، من شارع السعدون ببغداد أواخر شهر سبتمبر عام ١٩٨٤ رجل الاعمال الشاب المتمرد على كل قانون قبلي آنذاك واسمه خضير عبود القريشي الذي عرف بأناقة قبعته الغربية علامته الفارقة في مدينة بغداد والذي ظلت أسرته غير قادرة لا على البحث عنه ولا حتى ذكر اسمه في بطاقات المعلومات خوفا من الخوف
وكذلك المحامي المعروف يوسف يعقوب ابراهيم عبد العزيز ، والد صديقتي جميلة ولندا والذي اختطف أيضاً في أيلول الأسود عام ٢ ١٩٧ في منطقة البتاويين ببغداد ( حسب رواية المؤرخ الكبير مير بصري) ، ومؤخراً أنتج فيلما عن هذه القصة بعنوان ( ظل في بغداد)
اعتذر من خالي ومن ضرغام والروائي الشهيد حسن مطلك وأتطلع ان تسامحنا كل أرواح المغدورين الذين لم نتمكن في زمان الخوف ان ننتشلهم من العذاب او القدر الأسود الذي لانعرف تفاصيله لكنا نتصور حجم معاناتهم التي قد توازي حجم شعورنا بالذنب لعجزنا وصمتنا الجبان.
مقالات اخرى للكاتب