مضت مدة طويلة من الزمن والرئيس العراقي جلال طالباني يرقد في المستشفى بدون معلومات عن حالته الصحية او هل هو على قيد الحياة اساساً ام لا؟!
حالة الرئيس هذه تكلف ميزانية الدولة حسب اخر التقارير حوالي نصف مليون دولار يومياً! لا نجزم بصحة هذه المعلومة، فهذا رقم مهول جداً، لكن لنقل ان الكلفة الحقيقية قريبة من هذا الرقم، والمهم في كل هذا هو كتم المعلومات عن الناس مما يجعل المواطن البسيط متخبطاً، وكما يقول المثل الشعبي "يفر باذانه".
لا استهدف شخص الرئيس، فالعدو قبل الصديق يعرف ويعترف بتاريخ طالباني البطولي ضد حزب البعث وجهوده المثمرة في الحفاظ على الوحدة الوطنية بين ذئاب السياسة الحاليين. وكل ما في الام اننا اشتقنا لابتسامتك سيدي الرئيس وللنكتة التي تطلقها بين الحين و الاخر.
لكن هذا الغياب عن المنصب الرئاسي ونحن ضمن حكومة المحاصصة يحرم الاكراد من بعض الامتيازات التي يتمسكون بها للحصول على اهدافهم السياسية، فهنالك ازمة لاحت بالأفق بين حكومة الاقليم وحكومة المركز قبل سن قانون الانتخابات، فحق النقض "الفيتو" الذي كانت تعتمد علية لنقض القرارات التي لا توافق سياساتها، اضحت بيد السيد خضير الخزاعي لكونه من يقوم بمهام رئيس الجمهورية حالياً.
وعلى الرغم من تفاؤل بعض السياسيين من امثال السيد قاسم محمد قاسم النائب عن التحالف الكردستاني بقوله: "غياب رئيس الجمهورية جلال طالباني، لن يساهم بتعقيد المشهد العراقي، وذلك لان هنالك نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي يمارس مهامه، ولديه صلاحيات الرئيس الدستورية التي تنتقل له بحالة غيابه او عدم حضوره". لكن هذه مجرد تصريحات سياسية لا اكثر ولا اقل، وذلك للمحافظة على هدوئ الشارع العراقي.
لكن الازمة السياسية لا مفر منها بوجود الاشارات والتحذيرات التي تخرج من هنا ومن هناك، ومع كل ازمة سياسية يسقط المئات من القتلى الابرياء من المواطنين، فسياسة الاحزاب لحل الازمة هي (الحزب الفلاني يضرب المناطق التي تحتضن الحزب العلاني، والحزب العلاني يضرب المناطق التي تحتضن الحزب الفلاني بالمفخخات والاحزمة الناسفة والعبوات وكل ما لا يخطر على البال).
المواطن اخر هَم لدى السياسيين فأعينهم منصبة على تحقيق النصر السياسي على الخصم بغض النظر عما يصيب المواطنين من امور سيئة، فهم "المكَاريد" وكل من يغضب يفرغ غضبه بتفجيرهم دون تمييز او معرفة سابقة، وهذه هي الابادة الجماعية للشعب ولربما سيهددنا الانقراض ويضعوننا مع اطفالنا بالمتاحف والمحميات الطبيعية! ولا تتفاجئ ان شاهدت لافتة مكتوب عليها "محمية العراق الطبيعية ... يمنع اصطياد البشر".
هنالك فصل اخر نشاهده في المحافظات العراقية وخصوصا بغداد، وهو فصل الاغتيال العشوائي بواسطة الاسلحة الكاتمة، حتى لا يسلم من القتل اي شخص، وأين ما يتواجد المواطن العراقي يكون عرضة للاغتيال حتى وان كان يقف امام منزله.
وأما مجلس النواب العراقي، فحدث ولا حرج، فهم بالسرقة قادة حقيقيين وبسن القوانين التي تنفع الناس بقمة الخلاف والاختلاف، و كما قال لي احد الاصدقاء "اذا رأيت الايادي مرفوعة في مجلس النواب فهذا القانون اما مخصصات للمجلس او راتب يتعلق بهم او الغاء قرض سحب لصالح اعضاء مجلس النواب، وان رأيت المشاكل والعراك واللكمات تتطاير فهذا قانون لخدمة الشعب".
جميع قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل تحتاج الى سن قوانين لكي يتم العمل بها، لكن ما تم سنه من قوانين لا تلبي طموح الناس، فما زال القسم الاكبر منها في طور المناقشة وتحتاج الى عشرات من الدورات البرلمانية لكي تنظم بقوانين، يا ترى الى اين يذهب بنا هذا المجلس المؤقر؟!!
هذا وقد توالت الفضائح بحق مجلس النواب ومنها عمليات تجميلية بملايين الدولارات، وعلى سبيل المثال عملية "بواسير" لرئيس كتلة دولة القانون البرلمانية التي كلفت حوالي 59 مليون دينار!!! تعددت الاسباب والسرقة واحدة، والضحية هو المواطن العراقي البسيط.
ففي دولة الازمات اصبح الموت لنا عادة، ونكاد لا نتأثر ولا تتحرك مشاعرنا عند سماع نبأ عن مقتل شخصاً ما سواء كان هذا الشخص قريب نعرفه ام عابر سبيل لا نعرفه، اضف الى ذلك نهب مخصصات الوزارات والدوائر الحكومية وكل عمليات الفساد والرشوة وووالخ من الفظائع التي تجري في هذا البلد كل يوم.
مقالات اخرى للكاتب