من التقصير المعيب سواء كان نسيانا او اهمالا او تعمدا ان يتجاهل الصحفي العراقي المحترف تاريخ صدور اول صحيفة حملت عبق مؤسسي بناة العراق ورواد حضارته التي باهى ومازال يباهي بها الامم .
كيف تمر ذكرى الحرف السرياني المرتبط بالالواح والرقم المسمارية ولايحلق الفكر
ويسرح الخيال وينبري القلم ....
فالحديث عن الصحافة السريانية في ذكرى ميلادها الاغر واطلالتها البهيجة ذو شجون وشؤون والم، وليس مرادنا من الشجون الحديث عن ريادتها الفذة واستباقها الزمن بعشرات العقود والسنين والحقب ونحن نستذكر صدورها قبل مائة وسبعة وستين عاماً ولا التعريف بخطها التنويري الحيادي المعتدل ومصداقيتها بتغطية الاحداث ونقل الاخبار، اذ ليس بجديد ولا كثير على هذه الامة استباق الامم وليس بمستغرب صدور هذا المنجز الريادي عنها، ودليلنا وشفيعنا وشهودنا حضارتها الضاربة في عمق التاريخ العراقي قبل سبعة الاف سنة من عمر الانسانية.
حديثنا عن استمرار وتواصل وثبات هذه الصحافة بخطها الواضح المعتدل، ونهجها الحيادي الهادف الملتزم اعلاء للصوت الانساني من خلال الكلمة الحرة المعبرة عن الفكرة الوقادة المصاغة مشاعر منسابة، قد تكون مقالات او اعمدة صحفية ذات مضامين سياسية او اجتماعية او اقتصادية وقد تكون حوارا او استطلاعا او تحقيقا يغور في اعماق الوسط الجماهيري العراقي ملامسا احزانه واشجانه ، معايشا افراحه واتراحه مواسيا تارة، ومداويا تارة اخرى. مبتدئاً بطبقاته المسحوقة وحمل معاناتها والامها وامالها، ماراً بنخبه الثقافية فنونا واداباً ورياضة ناقلاً اهتماماتها وتطلعاتها، منتهياً بقياداته السياسية ومسؤولي دولته لاعباً دور السلطة الرابعة الرقابي محذرا ومنبها وناقداً بناءاً. يعرض منجزات الحكومة، ويلفت نظر المسؤول الى مواطن الخلل ومكامن الفساد، ويتصدى للاقلام التي تتعرض للعراق بسوء.
كانت ( زهريرا دبهرا ) التي صدرت في الاول من تشرين الثاني ( 1849 ) البداية ولن تكون ( بهرا ) المعاصرة نهاية، وبين شعاع النور الاول واشراقة الضياء الحالي رموز واقلام وشموع على امتداد طريق ذات الشوكة المحفوف بالمخاطر والمتاعب الملاحق بالتربص والترصد، ذابت دحراً لظلام الجهل والتخلف، واعتلت المشانق فضحاً للطغاة والظلاميين والمتعسفين اعداء الحرية والنور.
هذا عن الشجون اما عن الشؤون والالم فان من الاجحاف والغبن ان تعامل هذه الصحافة التاسيسية بل الام الاصيلة بجفاء و بشيء من الاهمال واللامبالاة ،وقد ينظر اليها نظرة ثانوية، خاصة ونحن نعيش اجواء الحرية والديمقراطية والشراكة الحقيقية واعطاء كل ذي حقً حقه وانصاف المغبون والمظلوم بغض النظر عن انحداره الطبقي وامتداده الاثني وانتسابه الديني والمذهبي وهواه وميوله السياسية وعدم الاقصاء والتهميش في عراقنا الجديد بتجربته الرائدة.
نحيي الصحافة السريانية في ذكراها.المتجددة بتجدد الليل والنهار .. و نفتخر برواد الصحافة العراقية الحرة وشهدائها من كل الاطياف والمكونات .
مقالات اخرى للكاتب