الفوضى الخلاقة مصطلح أمريكي ظهر حديثا، هدفه تأجيج الصراعات العرقية والطائفية في البلدان التي تسير بعكس الهوى الأمريكي، تارة بدعوى نشر الديمقراطية، وتارة أخرى بالدفاع عن حقوق الإنسان المغتصبة.!
بعد أن يعم الدمار وتنتشر الفوضى يتدخل الأمريكان، وقد يتوسل بهم مسئولي تلك الدول، لضبط تلك الأحداث، يتدخل المنفذون المنقذون لغرض تسكينها، بتحريكها يمينا وشمالا، لكي تتماشى مع ما يطمحون إليه، وهم بذلك يتحكمون بإعصار هادر بعيد عن بلدهم بآلاف الكيلو مترات، ويوجهونه حيث تشاء أرادتهم، لتخريب تلك البلدان وإركاعها.
اليوم وبعد خطاب مقتدى الصدر، حصل هجوم لمجاميع من المتظاهرين، "تحفهم نشوة الانتصار"على البرلمان العراقي وكأنه عاصمة "داعش"،والاعتداء على نواب بعينهم، وأخذ آخرين بالأحضان، وتكسير الممتلكات العامة، هذا الحدث المشين سواء أكان مخططا له، أم لم يكن، هو تثبيت للمحاصصة الحزبية القذرة، والتسليم بالعجز التام عن التنافس مع الآخرين بالأدوات السلمية، واستخدام الفوضى والعنف بدلا عنها.
لم يكن غريبا أن يكون هناك هجوم كبير لداعش بالتزامن مع اقتحام البرلمان، فداعش تستغل هذه الأزمات بشكل ذكي، وتحاول من خلالها الحصول على نصر ولو إعلامي، يتزامن معه رغبات المتظاهرين وقائدهم، بالحصول على نصر معنوي يجعله متسيدا للشارع العراقي ولو لفترة انية.
حادثة اليوم تذكرنا بقصة من الموروث الشعبي تقول: بأن ثعلبا قُطع ذيله بسبب ارتكابه جريمة السرقة، فأضحت الناس تسميه بالثعلب الأبتر، مما جعله يفكر بالتخلص من هذا العار بطريقة ذكية، فجمع الثعالب من كل حدب وصوب على وليمة، ولما بدءوا بالأكل، ربط ذيولهم، وصاح بهم "أن أهربوا لقد جاءتكم السباع"، وعندها تقطعت ذيولهم جميعا، وضاع الأبتر بين البتران.
خلط الأوراق بهذه الطريقة وقبول استقالة الفاسد بكل احترام، وإقالة الوزير الناجح، وتوهيم الجماهير بإصلاح تتلبسه الفوضى حسب طريقة الشلع قلع، يضمر بداخلة دوافع سياسية هدفها الهروب إلى الأمام وعدم الرجوع إلى الوراء، لغرض كشف الوزير الفاسد من غيره.
فرهود - سحل- تخريب-التأهب للمصارف- إرعاب الشارع-رسائل للمنافسين السياسيين، كلها أمور قُرِأت اليوم بعين المتظاهرين، "وإن لم يتحقق بعضها"، وهم يحتلون مقر شرعية بلدهم ويسقطونها بإذلال مهين، فكل من اتفق معهم وأيدهم، يريد إصلاحاً، لكن بواسطة جديدة، تسمى الإصلاح بطريقة الفوضى...!
مقالات اخرى للكاتب