انها (فقاعة) او (زوبعة) او سحابة صيف سرعان ما تنجلي , هكذا يصف معظم الحكام المستبدين اي حالة غضب شعبي تحدث في بلدانهم وتكون مناهضة لسياساتهم ومهددة لوجودهم ومزعزعة لكراسي حكمهم . ويتخذ الغضب الجماهيري اشكالا عدة في التعبير , من تظاهرات واعتصامات ومسيرات وعصيان مدني وعروض مسرحية وكتابات , اضافة الى وسائل اخرى ينتهجها بعض الافراد تتعلق في الملبس او الحركات او الايماءات كتعبير عن حالة الرفض وعدم الرضى غن الواقع الاجتماعي والسياسي . ثمة قاعدة سياسية تقول :اذا مضت الضربة الاولى بسلام فستسير الامور على مايرام , والمقصود هنا ردة الفعل الجماهيرية الاولى التي تعقب اي فعل او قرار سياسي (ظالم) يثير غضب الرأي العام. هذه القاعدة قد تكون صائبة وتنطبق بالفعل على الواقع , لكن ضمن مساحات جغرافية معينة , ففي مجتمعات الدول المتخلفة ينسى الافراد بعد مدة وجيزة ما ألم بهم من معاناة من جراء ممارسات وقرارات السلطة السابقة , ما يشكل دافعا وحافزا للاخيرة بمواصلة طغيانها وبطشها بمواطنيها , غير ان الدول المتقدمة يصر مواطنيها ومثقفيها على (التصحيح) مهما كلف الامر, وذلك لتقديسهم للحقوق الانسانية, ما يجبر السلطة على مراجعة قراراتها والرضوخ لأرادة الجماهير, باعتبار ان الحكومة هي ملك الشعب . ولو تطرقنا الى مسلسل الازمات العراقي , لوجدنا ان اغلب حلقاته المريرة في طي النسيان , وتركت وتراكمت على كاهلنا من دون ان نشعر , فما ان تستجد مشكلة جديدة وتطفو على السطح حتى ننسى سابقاتها , والامثلة كثيرة , ففشل جهاز كشف المتفجرات الذي لايزال في الخدمة وتسبب بأزهاق ارواح الناس وهدر المال العام نسيناه , قرار الزوجي والفردي الظالم نسيناه , ازمة الكهرباء ما ان يحل الشتاء سننساها , قضية مفردات البطاقة التموينية وما يشوبها من فساد نسيناها , رواتب الطلاب والمتقاعدين نسيناها , تخصيص جزء من عائدات النفط الى الشعب نسيناه ... الخ كل هذا يحيلنا الى التساؤل وبجدية , هل نحن حقا فقاعة ؟ ولانملك ابسط ادوات التأثير او التغيير او التصحيح , وان غالبية حقوقنا المستلبة تقبع في غياهب النسيان . لكن ما يخرق تلك القاعدة السياسية السالفة الذكر , هي القاعدة الفيزيائية التي تفيد (بأن الضغط المتزايد يولد الانفجار) فربما ما يحسبها البعض فقاعة قد تكون (لغم) من العيار الثقيل كلما تعاظم الضغط عليه يكون عرضة للتفجر . أن النسيان هو حالة ملازمة لجميع البشر ولها محاسن ومساوئ هذا على الصعيد النفسي , اما ان يتحول الى ظاهرة اجتماعية لتناسي قرارات السلطة الجائرة فأنه امر مؤسف , ومعالجة هذا الحال يكمن في عدم التركيز والتكثيف على ردود الافعال الانية واللحظية التي تمرر كهواء في شبك , فضلا عن تناول الامور المطلبية بشمولية مع الابقاء على عنصري الاصرار والتصميم , كي لانكون (فقاعة) كما يدعي البعض , فما فات لم يمت .
مقالات اخرى للكاتب