التاريخ الاسلامي منذ بدء الرسالة المحمدية ، كتاريخ اي أمة ، فيه من العورات ما يخجل اي مسلم من قراءتها حتى بعد مرور اكثر من اربعة عشر قرنا عليها . وحسبنا علاقة الرسول وهو سيد البشر مع بعض ازواجه وتأثير هذه العلاقة على حركة الرسالة فيما بعد ليملأ واحدنا رعبا ويولي فرارا . ترى اذا كان هذا في زمن الرسالة فكيف ستكون عليه الحال بعد وفاة الرسول الكريم "ص". تاريخ غارق الى رقبته بالمآسي الحمراء والخلافات و يراد لنا ان نقفز على احداثه الكبرى كما يقفز الكنغر الاسترالي لنظهره وكانه قلب طفل تلتمع البراءة في عينيه . باكورة الاحداث بعد رزية الخميس كانت مفاوضات السقيفة التي اوشكت ان تتحول الى مطحنة لرؤوس كبار الانصار . سيدة نساء العالمين الزهراء "ع" ترحل بعد شهرين فقط من وفاة ابيها وهي موجدة على قيادات المسلمين الذين ابت ان يحضروا دفنها . الخليفة الثاني لقي مصرعه غيلة . الخليفة الثالث قتل شر قتلة . الخليفة الرابع تلقى سيف الغدر بعد زجه في ثلاثة حروب داخلية طاحنة احرقت اخضر المسلمين ويابسهم . سبطا الرسول الحسن والحسين "عليهم السلام" قتلا بالسم وسنابك الخيل. وجاءت الدولة الاموية بكل تاريخها الاسود التي اهلها بجدارة لتسمى الدولة الدموية . ثم فظاعات الدولة العباسية التي غطت على بذاءات سابقتها باضافة ابداعات اخرى املتها المرحلة . ثم حلت حقبة انفصال الدول الاسلامية عن المركز لتكون كل دولة منها ورشة مميزة لكتابة تاريخ مخز . هذا هو مسح غير الكتروني لماضينا الاسود فهل ينبغي الفرار منه ونقول ان اصحاب رسول الله كانوا سمنا على عسل ونلوم انفسنا على خلافات اليوم . لا يعنيني ان يكون هؤلاء على سرر متقابلين اليوم في جنة عرضها السموات والارض ، لعلمي اليقيني بان رحمة الله اوسع من جنانه . ما يعنيني الدروس التي يمكن ان نستقيها من ذلك التاريخ عبر عرضه بكل تفاصيله على دكة التشريح واخضاع كل شخوصه الى النقد الموضوعي الفاعل بعد سحب هالة التقديس الخادعة التي اضفيناها عليهم . هذه الهالة الخادعة هي التي اوصلتنا الى مازقنا الكارثي اليوم الذي اصبح فيه جميع من يفخخون انفسهم يحملون اسم محمد او من صاحبوا محمدا . يوميا تنفق الملايين في البلدان العربية على تنظيم ندوات سياسية واعلامية وعلمية " وهذا شيء توعوي مطلوب" ، لكن اليس من العدل ان تعقد ندوة واحدة ولو سنويا ينظمها عقلاء القوم في كل بلد اسلامي يسلط خلالها الضوء بموضوعية المحقق الذي ينشد الحق والعدل ، على معالم الطوائف الاسلامية والمشتركات التي تجمعها ببعض من دون الخوض في خرافة التقريب التي انجبت لنا كل هذا التخريب . اعجب ممن يستغرب من وضع المسلمين الحالي ويدعو بكل سذاجة الى العودة للصفاء الذي كان عليه السلف الذي يسميه صالحا . اسأل هذه الصنف من البشر عن مرحلة او حتى يوم عاش فيه المسلمون هذا الصفاء السرابي . واقعنا المظلم الذي نعيشه اليوم هو امتداد طبيعي لامسنا البئيس الذي بني على خلافات تفجرت والرسول كان في صدره نفس يصعد وينزل . واجزم ان السيارات والاحزمة الناسفة والكواتم لو كانت متيسرة في ذلك الوقت لما تردد المسلمون لحظة في استخدامها لقتل عمر وعلي وعثمان وحجر والحسن والحسين وووو قربة الى الله تعالى . حينها ، وبدلا من ان يكون لله جنود من عسل سيكون لله جنود من (تي ان تي) . ففيم هذا الهبل الاخرق الذي يزيدنا بعدا عن الحق ويقربنا الى الباطل زلفى ؟ هذا هو ماضينا الاسود بكل سوآته وهذا هو حاضرنا المفخخ الذي تناسل من ذلك التاريخ ، فما هو وجه الغرابة . انبئوني ان كنتم تعلمون...
مقالات اخرى للكاتب