ففي 30 حزيران عام 1920م بدأت الثورة بهجوم شنه أبناء عشيرة ( الظوالم ) على مخفر شرطة الرميثةلإطلاق سراح شيخهم ( شعلان أبو الجون ) بقيادة الشيخ غثيث آل حاجم و اقتحام المخفر وفتح أبوب المعتقل بالقوة وأطلاق سراح الشيخ شعلان أبو الجون منه.وقد قام الجيش البريطاني بملاحقة الثوار وإرسال قوة عسكرية عدد أفرادها مائة جندي بهدف ملاحقتهم وقتلهم وإعادة الشيخ شعلان إلى المعتقل، لكن تلك القوة أُبيدت عن بكرة أبيها على أيدي الثوار من عشيرة البوحسان والظوالم ولم يبقَ منها سوى قائدها
ورغم أن هذه المنطقة تمثل العراق التاريخي وأن أهلها هم الذين ساهموا في تأسيس العراق الحديث إلا أنها لا تزال الأفقر في العراق وستبقى تمثل الضمير الوطني العراقي وتبقى متمسكة بالوحدة الوطنية العراقية رغم الإهمال والتهميش الذي لن يطول بفضل الوعي والحس الوطني الذي يتمتع به أهلها.
ان السبب في نجاح ثورة العشرين هو عدم وجود قيادات سياسية ما تدخلت بشكل أو بأخر بثورة العشرين ، ولم تكن الطائفية السياسية طافية بشكل واضح على المشهد المجتمعي العراقي ، وكما هي عادجة من يزورون التاريخ لعب الطاغية المقبور كعادته بقلب الحقائق واللعب على أوتار الطائفية فأنتج فيلم المسالة الكبرى عام 1983 ومثل الفلم جمع من العراقيين وممثلين أجانب وكلف 24 مليون دولار أمريكي وعُرض الفيلم في التلفزيون وبعض دور العرض وفي المحافظات وبرعاية الجهات الرسمية. وعندما عُرض الفيلم في محافظة المثنى موطن الثورة ودعي لمشاهدته شيوخ ووجهاء المحافظة.. وبعد مشاهدة الفيلم ، وجدوا أنه غيّب الأحداث والشخصيات الفاعلة بالثورة، وركز على الأحداث والشخصيات الثانوية.وتحريف مكان حادثة القطار من محطة السوير الى منطقة خان ضاري.. فتأثر المشاهدون كثيراً واعتبروا ذلك تشويه وتضييع الجهود والدماء التي أريقت وروت التراب الطاهر في تلك الثورة ، فوقف أحد مشاهدي الفيلم وهوّس قائلاً:
لون شعلان يدري إنباگت الثورة..
چا فج التراب وطلع من گبره..
هنا.. هنا.. هنا بالسويب المسألة الكبرى..
إسأل ذوله كلها أيتام من العشرين
وردد الجميع بحماس تلك الهوسة المعبرة، وبصوت عالي وبحركة دائرية رافضين أي نقص أو زيادة لأحداثنا الوطنية أو إهمال ذكر الشخصيات الفاعلة في ثورة العشرين.
وبعد أن علمت الجهات الرسمية بما حدث من رفض لفيلم المسألة الكبرى ..أوعزوا بإيقاف عرض الفيلم. وهكذا فعلت تلك الأهزوجة المختصرة وحققت المطلوب، وهذه قدرة العراقيين للتعبير عن رفضهم لكل تغيير أو تشويه للأحداث الوطنية
مما تقدم يتضح لنا جليا أن ثورة العشرين كانت حصيلة جهاد شعب عراقي بكامله وبكافة طوائفه ، وأهم منجزاتها هو قيام المملكة العراقية بعد ذلك.
تحية إجلال وإكبار لشهداء الثورة الخالدة وستبقى ثورة العشريين فنار لكل الأحرار عبر التاريخ .
مقالات اخرى للكاتب